الرحمة بالحيوان إنسانية من صميم الإيمان
في زمن تزداد فيه قسوة القلوب وتنسى فيه القيم الأصيلة تحت زحمة الماديات، يذكرنا الإسلام بركن عظيم من أركان الإنسانية: الرحمة بالحيوان.
فالإسلام لم يأت رحمة للإنسان وحده، بل للعالمين جميعا، كما قال تعالى:
﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾ وتشمل هذه الرحمة الطير والدواب والوحوش، تلك المخلوقات التي تعيش معنا وتسبح بحمد خالقها، وتعيش وفق نظام إلهي متقن.
ليس الإحسان للحيوان عملا هامشيا أو رفاهية؛ بل عبادة قد تكون سببا في المغفرة أو في الهلاك؛ ففي الحديث: "سقى رجل كلبا فغفر الله له"، "وحبست امرأة هرة حتى ماتت فدخلت النار"، و"في كل كبد رطبة أجر"؛ أي في كل مخلوق حي، من طائر أو دابة أو إنسان.
كان الصحابة والسلف يعيشون الرحمة بالحيوان واقعا:
- ابن عمر أنكر على من ذبح شاة دون أن يحد شفرته
- عمر بن عبد العزيز أمر بنثر الحبوب على رؤوس الجبال لئلا يقال جاع الطير في بلاد المسلمين
- عبد الله بن المبارك كان يطعم الحيوانات في السفر ويبكي خشية الحساب عنها.
والله استخلف الإنسان في الأرض وجعل له الأمانة، ومن الخيانة أن نفسد الحياة البرية أو نهملها أو نعبث بتوازنها؛ قال تعالى ﴿ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها﴾. وكل كائن في الأرض، من نحلة إلى غزال، جزء من نظام بيئي دقيق يجب علينا حمايته.
وما يمكننا فعله:
- وضع الماء والطعام للطيور
- تعليم الأطفال الرفق بالحيوانات
- منع إيذاء القطط والكلاب أو العبث بأعشاش الطيور
- تفعيل دور الخطباء والمعلمين في نشر هذه القيمة
- إصدار قوانين لحماية الحيوانات ومحاسبة المعتدين عليها
الرحمة بالحيوان ليست بدعة ولا ترفا، بل من أعماق شريعتنا، ومن دلائل نقاء الفطرة وصدق الإيمان. وقد قال النبي: "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"؛ فمن رق قلبه لحيوان ضعيف، رقت روحه لرحمة الله؛ فلنحيا برحمة، ونورثها أبناءنا، ونثبت أن ديننا هو دين الرحمة والإحسان؛ لا للإنسان فقط؛ بل لكل حي ينبض بالحياة!
ودمتم سالمين!