صرخة مجتمع في وجه العبث التعليمي: التعليم ليس رفاهية بل حقٌ للأجيال
في زمن تُقاس فيه القضايا بوزن المصالح، بات التعليم ملفًا تُرِك ليتدهور على يد من يُفترض أنهم يحرسونه. ومن منطلق عملي في قطاع التعليم لسنوات طويلة، وما لمسته من وجع الأهالي، حديث الأمهات، قلق المعلمين، وعزوف الطلاب والطالبات —أكتب هذا المقال ليس كمراقب بل كصوتٍ من قلب المجتمع.
التقويم المدرسي... انتظامٌ بلا حياة
صدر التقويم المدرسي من الوزارة وكأنه حلٌّ يُعيد للمدارس نبضها، لكنّه جاء خاليًا من أي رؤية تربوية، وكأنه فقط لتجميل الورق أمام الجهات العليا. أولياء الأمور يتساءلون: "هل انتظام الورق أهم من عقل أبنائنا؟ هل المواعيد أهم من المضمون؟". المعلمون في الميدان يرون خطة بلا أدوات، وجدولًا بلا مناهج محسّنة، وروتينًا يكرّس الركود.
النقابة والإضراب... من يدفع الثمن؟
الجميع يتفق أن المعلم مظلوم، لكن الإضراب الكامل لا يجب أن يكون الطريقة الوحيدة للضغط. يقول أحد أولياء الأمور: "ابني الآن في عامه الرابع بلا دراسة منتظمة، هل هذا يُسمى نضالًا؟ أم هو إهمال بحجة النضال؟". النقابة، بغياب البدائل الحقيقية، أصبحت تُعيد إنتاج الأزمة بدلًا من حلّها، وأصبح التعليم الخاص يُستخدم كبديل مكلّف، لا كداعم منصف. كيف لعائلة متوسطة الدخل أن تدفع مليون ريال لتسجيل أبنها طالب في الثانوية في مدرسة خاصة ؟ أي عبث هذا؟!
ما يريده المجتمع؟
يريد الأهالي تعليمًا لا يُساوم على مستقبل أولادهم.
يريد المعلمون أدوات وكرامة لا أن يُحمّلوا وحدهم عبء الانهيار.
يريد النشطاء والمهتمون بإصلاح التعليم نقابة تُراهن على الحلول لا على الإضرابات الطويلة.
ويريد المجتمع أن تُعاد روح التعليم المجتمعي، ليس من المواطن المنكوب، بل من المتنفذين و الذين يتحكمون بالموارد .
ماذا بعد؟
نحتاج إلى وثيقة مجتمعية تُجسّد صوت أولياء الأمور والمعلمين والمهتمين، تُطالب بإصلاح حقيقي من الجهات المختصة، وتُعيد التوازن بين حقوق المعلم ومصير الطالب. التعليم ليس ورقة مساومة، بل شريان حياة للأجيال .