إغتيال راضي.. إغتيال للعدالة...

باغتيال راضي، ماتت العدالة، ومات معها الضمير، وصوت القانون الذي طالما وعد بحماية الأبرياء والاقتصاص للمظلومين.

الشاب راضي عليان من ابناء منطقة الخداد بلحج قُتل ظلمًا وعدوانًا في نقطة الحسيني بمحافظة لحج، وقضيته حتى هذه اللحظة لم تجد من يفصل فيها رغم وجود الأدلة الواضحة، ورغم معرفة الجاني، بل ورغم أنه أُدين، إلا أن العدالة انكسرت مرة أخرى حين تمكّن القاتل من الهروب من السجن بمساعدة عناصر وقيادات يُفترض أنها مسؤولة عن حماية المواطن  لا عن إفلات القتلة من العقاب.

إنها ليست قضية راضي وحده، بل قضية وطنٍ يُقتل فيه الحق في وضح النهار، وتُغتال فيه العدالة باسم النفوذ، وتُدهس فيه كرامة المواطن تحت أقدام الفساد.

أهله لا يطلبون أكثر من الإنصاف. لا يبكون فقط على فراقه، بل على غياب الدولة التي تُنصف وعلى عجز المنظومة التي يُفترض بها أن تحقق القصاص. لقد أصبحوا يتساءلون: هل أصبح من الطبيعي أن يُقتل الإنسان ويُنسى، أن يُغتال ويُهرب قاتله، أن يُطالب بحقه فيُقال له: انتظر؟

إن الحزن لا يكمن فقط في فقدان راضي، بل في غياب العدالة التي كنا نظن أنها خطٌ أحمر، فإذا بها حبرٌ باهتٌ يُمحى إذا كان الجاني "ابن مسؤول".

ربما لو قُتلت يا راضي؟  في عهد عمر بن الخطاب او في عهد من يليه لقُصّ من قاتلك بين عشية وضحاها،  أو  لو  قتلت يا راضي، في زمن سابق  غير زمننا هذا باعوام قلائل، لما تأخرت قضيتك غير ايام معدودة، لكن المصيبة أنك يا راضي رحمك الله  قُتل في زمنٍ أصبح فيه تطبيق الحدود نافذا على الضعفاء، محرّمًا على الأقوياء بالسلطة والنفوذ. زمنٍ لا يُحترم فيه دم المكافحين، ولا تُقدَّر فيه صرخة أمٍ فقدت ابنها ظلماً.

لقد تحولت قضية راضي إلى مرآة تعكس الواقع الموجع الذي يعيشه الكثير من أبناء هذا الوطن؛ حين يغدو القانون أداة بيد المتنفذين، وحين تصبح حرمة الدماء مسألة قابلة للتفاوض أو التناسي.

نطالب اليوم، باسم كل من آمن بالعدل، وباسم كل قلب يرفض القهر، أن يتعامل مع ملف راضي بحزم وجديه  ، وأن يحاسب كل من سهّل هروب القاتل، أن تقتص له كما يجب، أن يعود للقانون هيبته وللعدالة معناها، وإلا فاننا امام عقاب اليم بسبب ظلم الظالمين.  

فهل نسمع الصوت؟
أم سنكتفي بكتابة المآسي وتشييع العدالة في كل نعش جديد؟