شعب مسلم حر لا عبد سلالة!
في وطنٍ اسمه اليمن، وُلد الإنسان حرًّا؛ تحت شمس القبائل، وعلى أرض الكرامة، تربّى على أن "الناس سواسية"، وأن التفاضل بين البشر لا يكون بالنسب؛ بل بالصدق، بالعمل، بالتقوى...
لكنّ الرياح تغيّرت؛ حين خرج من كهوف التاريخ فكرٌ سلاليٌّ مظلم، يريد إعادة عقارب الزمن إلى عصر الطبقات والعبيد؛ فكرٌ يُقسم اليمنيين إلى "قناديل" تضيء فوقهم، و"زنابيل" تطأ تحتهم.
لسنا اليوم أمام خلاف سياسي؛ بل أمام مشروع عنصري مكتمل الأركان؛ يُقسّم الوظائف والفرص، ويعيد صياغة الدين والمناهج، ويزرع في رؤوس الأطفال أن السلطة حقٌّ بيولوجيٌّ؛ يُورَّث؛ لا يُكتسب، وأن الإمام لا يُصلّى خلفه؛ إلا إن كان من "السادة".
في تقرير مركز حقوق الإنسان بصنعاء (2023)، تم توثيق شهادات عن تمييز عنصري ممنهج في الوظائف العامة؛ حيث تُمنح المناصب، حتى العسكرية والتعليمية، لمن يحمل لقب "سيد"، ولو كان دون كفاءة، ويُقصى الكفء لأنه من عامة الشعب.
وفي تقارير "سام" و"مراقب التعليم اليمني"، تُرصد سياسات إقصاء واضحة في توزيع المعونات، وقيادة المدارس، وحتى الإشراف التربوي، حيث يُقدَّم الولاء على المؤهل، والنسب على الاجتهاد.
وفي وزارات الدولة، تجاوزت نسب السلالة في القيادة العسكرية 86% وفق تقرير مركز "أبعاد" [2022]. فهل هذا وطن... أم مزرعة خاصة؟!
يدّعي هذا المشروع أنه "قرآني"؛ لكن أين هو من قول الله تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ﴾؟ وأين هو من قول النبي ﷺ: «لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود، إلا بالتقوى»؟ بل أين هو من قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فإن ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله"؟
إنه فكر يستغل الدين لتثبيت السلطة في أيدي القِلّة، ويفرض نفسه على الناس باسم "الحق الإلهي"، ثم يُقصي ويسجن ويقتل من يعارضه، ويزعم أنه حامل راية السماء!
لن يُقتلع هذا الفكر من اليمن إلا بثورة وعي؛ لا بالبندقية وحدها؛ بلةنحتاج إلى:
- خطاب ديني وتربوي يعيد الاعتبار للمساواة والكرامة.
- مراجعة المناهج التعليمية التي تُروِّج لـ"الولاية الوراثية".
- تمكين الكفاءات من كل مناطق اليمن؛ لا أبناء النسب المزعوم.
- محاسبة كل من مارس التمييز الطبقي والسلالي في مؤسسات الدولة.
- دعم الإعلاميين والمفكرين والدعاة الشجعان في فضح هذا الزيف.
- والأهم من كل ذلك؛ أن نحفظ على اليمن وحدته الاجتماعية، وأن ترفض القبائل أن تتحوّل إلى طبقات يُصفَّ الناس فيها حسب "اللقب"؛ لا حسب الوفاء.
فيا من تنتمي إلى قبائل الكرامة! يا من صنعت ثورات وأطاحت بإمبراطوريات! اعلم أن أخطر استعمار ليس من الخارج؛ بل هو الذي يلبس جُبّة الدين، ويخاطبك بلقب "يا مواطن"، ويعتبر نفسه "سيدا" عليك إلى الأبد!
قلها اليوم: "أنا حرّ؛ لا عبد نسب"، "أنا مواطن؛ لا تابع سلالة"، "أنا شريك في هذا الوطن؛ لا ضيف في بلاط آل البيت"! فقد ولى زمن "السيّد والمولى"، وجاء زمن الوعي؛ حيث لا يسود؛ إلا العدل، ولا يعلو؛ إلا العمل، ولا يُحكم الناس؛ إلا بالكفاءة؛ لا بالدم!
وفق الله كل يمني إلى الحفاظ على الحرية، ودمتم سالمين!