جيش بابا
بقلم/حسين سالم السليماني
شد انتباهي الثورات العربية التي قامت بتأسيس الجمهوريات، والتي انتزعت الأرواح حتى قامت، وبعد قيامها انتزعت الأرواح مع كل إنقلاب على السلطة، وانتزعت الأرواح حينما قام الشعب وهو يردد الهتافات المناهضة للحكم الذي خالف المواثيق والدستور، فجثم على تلك الشعوب عقود من الزمن، وحينما ظننا أنها انتصرت وجاءت الزعامات الجديدة، لكنها نفس الاسطوانة، تعاد مع كل حكم عربي للأسف الشديد.
فمثلاً كان الحكم جمهوري لكن كان الرئيس هو الذي يحكم الجيش وهو رئيسه الأول وهكذا حتى يصبح الجيش جيش العائلة وهنا يصبح جيش بابا، وله حق التصرف فيه كيف يشاء، فلا تنطبق عليه شروط القبول للجيش أو حتى دراجات الهيكلة الإدارية والمالية للجيش، والمستحقات للضباط والجنود المستحقين للقيادة في مؤسسات الجيش المختلفة.
لكن اليوم نجد الثوار وهم في ثورتهم التي أسقطت الرئيس الأسبق... وسقطت الأرواح وتعطلت مصالح في سبيل إسقاط الطغاة الأوائل، نجد الثوار القادمين اليوم قد نصّبوا القيادة للجيش القادم بنفس المعيار الأول، الأب ثم الأبناء وهم لازالوا في ثوراتهم !
إن العبودية التي شربناها حتى في ثورتنا، جعلت من الطاغية الذي لايملك القوة ولا سلطان وهو فرد مثلنا، إنما هي الجماهير الغافل التي تدفع ثمن غفلتها؛ لأنها شربت الذل والهوان، هي اليوم تمطي لهم ظهرها فيركبوا عليها وتمد لهم أعناقها، وتنحني لهم رؤوسها فيستعلوا على الكل حتى المناضلين الشرفاء ينتقمون منهم؛ لأنهم رموز الثورة، لكن تلك الشعوب لاتغضب فتتنازل لهم عن حقها في العزة والكرامة فيزداد طغيانها...
وهذا الطغيان لا يخشى شيئاً من تلك الجموع البشرية، إنما يخشى يقظة الشعوب وصحوة القلوب و لا يكره أحدا كما يكره الداعين إلى الوعي و اليقظة، فتجد تلك السلطات تحارب الفكر والمفكرين والسياسيين الأحرار، وتنتقم منهم أشد انتقام، فهؤلاء الأحرار هم من يهزون قصون الشجرة التي تسقط ثمارها ويذوق الجميع كم هي وفيرة، والتي مُنعت عنهم.
وحينما تصحوا الضمائر، تسقط الغفلة من الشعوب وتبصر الطريق، هنا يقف جيش بابا الذي لايعرف الوطن والوطنية غير نحن أو الطوفان.