الريال قام.. بس هل بيوقف؟
في الفترة الأخيرة، سمعنا كثير عن تحسن في سعر صرف الريال السعودي، وانخفاض واضح في العملات الأجنبية، وناس كثير بدت تتنفس شوية وتقول الحمد لله، الأمور بتتحسن، والأسواق فعلاً شهدت استقرار نسبي، والناس بدأت تحس بفرق في الأسعار، ولو بسيط.
لكن بين التفاؤل والشك، يجي السؤال الكبير: هل اللي حاصل صدق؟ ولا مجرد كذبة موقتة لتهدئة الشارع؟
اللي ما يعرفه كثير من الناس، إن السياسة والاقتصاد ما يفترقوا.
الريال ما يصعد ولا ينزل من فراغ، فيه قرارات، فيه تحالفات، فيه حسابات دقيقة خلف الكواليس.
وبعض المحللين يقولوا إن الانخفاض المفاجئ للعملات الأجنبية، قد يكون مدفوع بتدخلات مركزية مؤقتة، ومش نتيجة تحسن فعلي في الوضع الاقتصادي.
من الناحية الاجتماعية، فعلاً الناس بدأت تحس بارتياح، والمجتمع بدأ يستقر، حتى التحركات الحكومية صارت تعلن بشكل يوحي بالتفاؤل، وفيه رسائل إعلامية قوية تحاول ترسم صورة إيجابية عن المستقبل.
لكن الواقع أعقد من كذا.
لأن أي تحسن لازم يكون له جذور اقتصادية حقيقية: تنمية، مشاريع فعلية، محاربة فساد، وتوازن في الإنفاق العام.
وزي ما يقولوا: الريح ما تهز الجبل.. بس الكلام يهز الغلبان، والمواطن اليوم ما عاد يصدق كل شيء.
شوفوا حضرموت، يوم خرج أهلها وصرخوا من وجع الجوع وسوء المعيشة، ما كان خروجهم عبث، ولا غضب لحظي.
كان رسالة واضحة إن الكرامة قبل الريال، وإن الجوع ما يسكت مهما نزل الدولار!
انتفاضة الحضارم ما كانت بس احتجاج على الأسعار، كانت صيحة مجتمع شاف كل شيء إلا العدالة، وقرر يقول كفى.
وهذا دليل إن التحسن المزعوم ما كان شامل، وإن الاستقرار ما ينفع لو ما شمل كل مواطن في كل زاوية من الوطن.
والسؤال اللي على لسان كل مواطن بسيط: هل التحسن هذا بيستمر؟
ولا بس جرعة تخدير عشان نهدأ ونسكت؟
الجواب الصريح: ما حد يقدر يضمن، لأن الأمور متقلبة، والساحة مليانة تجاذبات سياسية واقتصادية، والمواطن صار عنده وعي أكبر، وما عاد يصدق كل وعود تُقال في مؤتمر أو خبر عاجل.
اللي نحتاجه اليوم هو شفافية حقيقية، نعرف وين رايحين، نعرف مصادر القوة ومصادر الخطر.
لأن الريال لما يوقف، لازم يوقف على أرض صلبة، مش على وعود هوائية.
وبين هذا وذاك، يبقى الأمل موجود، لكن بعيون مفتوحة، وعقول واعية.
ختامًا:
لا تصدق كل صعود، ولا تخاف من كل هبوط... افهم اللعبة، وراقب بذكاء، لأن الاقتصاد مش بس أرقام، هو سياسة، ونفوذ، ومصالح...
وأحيانًا، كذبة مغلفة بابتسامة إعلامية.
الـكاتبة: سناء العطوي