زمن الأغبرة: حين يُكرّم الجهل ويُهان الشرف
في هذا الزمن الرديء، لم يعد الجوع خبز الفقراء وحدهم، بل أصبح وسيلة لإذلالهم. يمضي الشعب في رحلة الألم، بلا رواتب لثلاثة أشهر، يُكابد الجوع ويبحث في زوايا الحياة عمّا يسد رمقه، فيما تتناثر الملايين في قصور الطغاة كأنها غبار لا وزن له.
إنه زمن الصعاليك... ولكنهم ليسوا شعراء كما في الأساطير، بل جهلة يتباهون بالكبسة والملابس الفاخرة، ويعيشون بترف مستورد من عوالم لا تشبه الواقع الذي يعيشه الوطن. هؤلاء لا يعنيهم الجوع، ولا تعنيهم كرامة الإنسان؛ مهمتهم الوحيدة هي إهانة الأحرار وتجويع الشرفاء.
نصف مليون ريال في يوم واحد يُصرف لمدير فاسد صغير من خزينة وطنٍ منكوب، فيما المواطن يلهث خلف قرصين من الروتي وكوب شاي أسود... هذا ليس خللاً اقتصادياً فقط، بل انهيار أخلاقي، وسقوط مدوٍ للقيم.
نعيش زمناً يُرفع فيه الجاهل اللص، ويُهان فيه المناضل الحر. زمن تُكافأ فيه الرداءة وتُعاقب فيه الكلمة الحرة. زمن أغبر، لم يعد فيه مكان للضمائر، ولا للعدل، ولا للحرية.
هذا المقال لا يحمل فقط شكوى، بل هو صرخة. صرخة شعب ينزف، وضمير لا يزال ينبض رغم محاولات قتله.