وحي القلم بين السائل والمجيب ..

ذات خميس وردني السؤال الآتي :
على هامش يومنا هذا الخميس استوقفتني مفردة : (خمر الوجن) في قصيدة الراحل د . سلطان الصريمي {تليم الحب} عند قوله : 
(أنا المحروم من خمر الوجن)
فما المقصود بخمر الوجن هنا ؟!
وإذا كانت حسب لهجتنا الدارجة هي (الخدود) 
فما تلك الخمرة ؟ وما لونها ووووو  الخ.. ؟ !

فاندفعت على الفور مجيبا إياه بالسليقة ووفق الذائقة لقطع الطريق على جلافة الذكاء الاصطناعي واستباقا للسقيم من الفهم الذي قد يخل بالصورة الفنية التي رسمها الشاعر ولمنع أية تواردات للخواطر قد تنحرف بالمقصد أو تشوش على الرمزية التي قصدها الشاعر .
فبعد أن أوضحت له عنوان القصيدة (تليم الحب) وأن (تليم) ترمز إلى أهم موسم من مواسم الزراعة في اليمن وهو موسم (الدجن) أي بذر الحبوب والتي عادة ما يكون ذلك في شهر مايو من كل عام في معظم مناطق اليمن إن لم يكن كلها .
ذلك الموسم ومنزلته ومدى الحفاوة به لدى اليمنيين لهو أشبه بعيد النيروز الموجود لدى كثير من الأمم والمتعلق بفصل الربيع هناك وما يمثله لدى أولئك .

أما ما يستدعي الإشارة والوقوف عنده فهو نسبته ل (الحب) في العنوان وإضافته إلى (تليم) !
فإذا كان هذا هو العنوان فلا شك ولا ريب أن النص سيمثل لوحة فنية وإلياذة يمنية وسيحمل الكثير والكثير من الصور والاستعارات والكنايات والرمزيات والإشارات وهو ما كان .
وليست (خمر الوجن) سوى واحدة من تلك اللفتات والصور البديعات والتي لا يمكن هنا فصلها عن السياق فقد أتت بعد :
 تحاببنا وأهدينا الى الأرواح زهرات الكعوب
غرسناهن وقطفنا من الأفراح ذكرى لا تذوب
عصرناهن وأروينا ظما الأقداح ساعات الغروب
تشرحنا ودقينا مع الشراح أجراس القلوب
 تهنيتك وغنيتك غنا
{أنا المحروم من خمر الوجن}
ثم اتي بعدها :
ومن بعد التلاقي والهنا رمى بي الحب في بحر المحن .

فالسياق هنا يشير إلى أنه سبق وتكررت لقاءات الحبيبين تحديدا في ذلك الموسم الجميل (الدجن) 
وبما أنه قال : (تحاببنا) والتي تعني باللهجة التعزية : (التقبيل والمرور بمحاذاة الشفايف وربما هناك وقفة مع (المباسم) ناهيك عن (الصلوات) في محاريب الثغر ! 
بل وليس هنالك ما ينفي محاولات انتحار على (مشارف النهدين) ! !
فإن الملفت والمثييير تركيزه على (خمر الوجن) !!
فإذا كانت الخمرة هنا قد سالت من الوجنتين وارتُشِفت من الخدين  !!!! 
فما أدري لعمري ولست أدري ! ما عساه أن يكون رحيق الشفائف مع هذه الحال وفي ضوء هذا المقال؟ !!
بل وما نوع الترياق الذي أثبتت الوقائع أنه اعتصره من بين ثنايا الحبيب ؟ !!! 
وبما لا يدع مجالا للشك لدىَّ فإني أرى الصريمي الشاعر هنا قد تجاوز يزيدا في قوله :
 وأمطرت لؤلؤا من نرجسِِ وسقت
وردا وعضت على العناب بالبرد !
بل إنه لم يترك لطرفة ولبيدا ونزارا إلا ما بقي في العروق بعد الذبح !
إنه المبدع د. سلطان الصريمي ...
 وليس آخر السلاطين بالطبع ! والدليل قول أبي العلاء المعري :
إني وإن كنتُ الأخيرَ زمانُه ...
لآتِِ بما لم تستطعه الأوائلُ .
وهنا أتسائل : 
لماذا العرب منكفئون عن دراسة الأدب اليمني ؟ ومستبعدون له عن دوائر إهتماماتهم رغم ما يحمله وما يمثله من إضافات للأدب العربي قديمه وحديثه ؟

ليبقى السؤال :
أكو عرب ؟ !