دوستويفسكي… عبقري الأدب الذي جعل الخير مأساة
في سجل الأدب العالمي، يسطع اسم فيودور ميخايلوفيتش دوستويفسكي كأحد أعظم الروائيين الذين غاصوا في أعماق النفس البشرية، كاشفين تناقضاتها وصراعاتها الخفية. ومن بين روائعه الخالدة، تبرز رواية "الأبله"، العمل الذي جسّد فيه مأساة البراءة وسط عالم تحكمه المصالح والأنانية.
تحكي الرواية قصة الأمير ميشكين، رجل طيب وبريء إلى حد السذاجة، يحاول أن يعيش في مجتمع يلهث وراء المال والمكانة، فيصطدم بأسئلة عميقة:
هل يمكن للخير المطلق أن ينجو وسط عالم غارق في الشر؟
"الأبله" ليست مجرد رواية كلاسيكية، بل مرآة تعكس صراع القيم والمبادئ في مواجهة قسوة الواقع، وتؤكد أن البراءة في عالم معقد قد تتحول إلى مأساة. بأسلوبه النفسي المتفرّد، جعل دوستويفسكي القارئ شريكًا في رحلة فلسفية وإنسانية تتجاوز حدود الزمن والمكان.
لقد عاش دوستويفسكي (1821 – 1881) حياة مليئة بالتحديات؛ من السجن والنفي إلى سيبيريا، إلى صراعاته مع المرض والفقر، لكنه حوّل معاناته إلى أدب خالد، ألهم مفكرين كبارًا مثل نيتشه وفرويد وكافكا.
ويبقى إرثه الأدبي شاهدًا على أن الرواية العظيمة لا تكتفي بسرد الأحداث، بل توقظ العقول، وتستفز المشاعر، وتعيد تشكيل فهمنا للإنسانية ذاتها.