إنذار مبكر”.. غزو أسماك البحر الأحمر يغيّر ملامح الحياة البحرية في المتوسط.. التحول إلى بيئة استوائية

(أبين الآن) متابعات خاصة
“إنذار مبكر”.. غزو أسماك البحر الأحمر يغيّر ملامح الحياة البحرية في المتوسط.. التحول إلى بيئة استوائية
حرارة الأعماق تصل 30 درجة.. احتمال انتقال الأنواع من سواحل إفريقيا إلى المتوسط عبر مضيق جبل طارق
شواطئ البحر المتوسط
لم يعد البحر المتوسط، الذي طالما كان مهدًا للحضارات وممرًا للتجارة، كما كان. فمياهه الزرقاء، التي كانت تمنح الحياة لسواحله، تشهد اليوم تحولًا غير مسبوق نحو “الاستوائية”.
الأعماق التي كانت باردة ومأوى لأنواع محلية فريدة، باتت تحتضن كائنات دخيلة قادمة من الجنوب، عبر قناة السويس، تحمل معها ملامح بيئة جديدة، وتعيد رسم خريطة الحياة البحرية على وقع حرارة تتصاعد عامًا بعد عام.
عند الغوص قبالة سواحل البحر المتوسط، وقياس حرارة الأعماق التي لامست 30 درجة مئوية، هناك تغيرات كثيرة يكشفها مدربي الغوص، في منطقة تشهد بشكل مباشر ظاهرة “الاستوائية” المتسارعة للبحر المتوسط وقال أحدهم : “كنا على عمق 30 مترًا هذا الصباح، وكانت حرارة المياه 29 درجة مئوية”.
نبؤات درجات الحرارة لأوروبا والبحر الأبيض المتوسط
انتقال الأحياء البحرية من البحر الأحمر إلى المتوسط
ويؤكد العلماء أن المياه الأكثر دفئًا تشجع مئات الأنواع القادمة من البحر الأحمر على الانتقال عبر قناة السويس إلى شرق المتوسط، مهددة النظم البيئية المحلية.
ويواجه هذا الخطر كامل حوض المتوسط، أحد أسرع البحار ارتفاعًا في درجة الحرارة، والذي سجل هذا العام أحر شهري يونيو ويوليو في تاريخه، بحسب بيانات مركز “ميركاتور أوشن إنترناشونال”.
ويذكر الغواصون، أنه في أوائل الألفية كانت حرارة المياه في أغسطس لا تتجاوز 25 درجة مئوية، لكنه باتت عشرات الأنواع من البحر الأحمر تستوطن المياه الدافئة، شرق المتوسط ومنها سمكة الأسد السامة (Pterois miles) ذات الزعانف المرصعة بالبقع، التي يصل طولها إلى 26 سنتيمترًا، وتسبب أضرارًا واسعة في النظام البيئي المحلي.منتجات صديقة للبيئة
غزو أسماك البحر الأحمر يغيّر ملامح الحياة البحرية في المتوسط
وأوضح: “قبل نحو عقد، كنا نرى واحدة أو اثنتين منها، أما الآن فنرصد 15 إلى 20 سمكة في الغطسة الواحدة، بل أحيانًا أكثر مما نراه في البحر الأحمر، إنها مفترسات شرسة، والأسماك الصغيرة مثل الـ«غوبي» تكاد تختفي”.
البحر الأحمر
ويشير باحث في معهد أبحاث المحيطات وعلم البحار، إلى أن غزو الأنواع الدخيلة بدأ بعد افتتاح قناة السويس منذ عقود طويلة، لكنه تسارع بعد تعميق القناة وتوسيعها عام 2015، ما أتاح مرور المزيد من الكائنات سنويًا، بعضها قد يكون مفيدًا في ظل حرارة لا تحتملها الأنواع المحلية.
وباتت هذه الكائنات شائعة قبالة سواحل تركيا ولبنان، وتتجه غربًا، مثل سمكة الأرنب (Siganus rivulatus) التي وصلت مؤخرًا إلى مالطا، على بعد أكثر من 1700 كيلومتر من القناة.
البحر الأبيض المتوسط
“إنذار مبكر”
ويحذر الخبراء من أن ما يحدث في شرق المتوسط “إنذار مبكر” لما سيصيب شماله وغربه خلال 5 إلى 20 عامًا، نتيجة الحرارة المفرطة والمنافسة الشرسة من الأنواع الغازية.
وسجل البحر في يوليو الماضي أعلى معدل حرارة سطحية في تاريخه بمتوسط 26.68 درجة مئوية، بحسب “ميركاتور”.
كما حذرت دراسة نشرت في دورية “بروسيدنجز أوف ذا ناشيونال أكاديمي أوف ساينسز” في أبريل 2024 من احتمال انتقال أنواع من السواحل الغربية لإفريقيا إلى غرب المتوسط عبر مضيق جبل طارق بحلول 2050، حتى في سيناريوهات مناخية معتدلة، فيما قد يشهد البحر “استوائية كاملة” بحلول 2100 في أسوأ التوقعات.
ويؤكد درامان ضرورة إبعاد الأنواع الغازية عن المناطق البحرية المحمية “للحفاظ على التنوع البيولوجي”، مشيرًا إلى أن غياب المفترسات الطبيعية في المتوسط، مثل القروش والباراكودا الموجودة في البحر الأحمر، يوفر بيئة مثالية لتكاثر أسماك الأسد وزيادة أعدادها سنويًا.
أسماك القرش بالبحر الأحمر