الأحزاب الزائفة عبء على الوطن
عند الحديث عن الأحزاب اليمنية في جوهره، هو حديث عن (عصابات) ترتدي مسميات سياسية رقيقة، لكنها لا لها أي ارتباط حقيقي بالسياسة، أو بالسعي نحو النهوض والبناء والتنمية، بل لا صلة لها بالوطن ولا بالوطنية.
التاريخ السياسي لهذه الأحزاب سجل سلسلة من الإخفاقات على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني، وحول اليمن إلى ساحة صراع محلي وإقليمي ودولي. كل شعاراتها عن الديمقراطية والتنمية لم تكن سوى غطاء لتبرير الطموحات الفردية والانتهازية، بينما المواطن يدفع الثمن الأكبر.
إذ لم تملك يوماً رؤية حقيقية لمواجهة الأزمات التي تعصف بالبلاد منذ الوحدة اليمنية، ولا بعد ذلك. بل اقتصرت برامجها على تقاسم السلطة والمحاصصة الحزبية، متجاهلة معاناة الشعب. فكل مرحلة من تاريخها شاهد حي على خيانتها للشعب، وعلى ولائها لمصالح ضيقة، وارتباطاتها العابرة للحدود. فهي لا ترى في الوطن إلا غنيمة، ولا في المواطن إلا وسيلة، ولا في الدماء إلا طريقاً لمقعد أو منصب.
والأدهى من ذلك أن هذه الأحزاب، رغم تعدد أسمائها، تتقاسم جميعها نهجاً واحداً: الانتهازية السياسية واستغلال أزمات الوطن، إنها لا تعرف سوى المنابر الإعلامية والشعارات الرنانة، بينما الواقع يقول إن الشعب لا يزال يدفع ثمن فشلها، ويعاني من نتائج أخطائها التاريخية.
الجنوب كان أبرز مثال على هذا العبث السياسي، إذ استخدم كمساحة نفوذ ومورد من قبل تلك العصابات، واليوم، وبعد أن تحررت أجزاء واسعة من أراضيه بتضحيات جسيمة، تحاول تلك القوى العودة إلى المشهد بوجه جديد، متخذة من شعار "الشرعية" غطاءً لاستعادة حضورها السياسي الميت، وإعادة إنتاج نفس الممارسات، استغلال التضحيات، تقاسم السلطة، ونهب لا نهاية له.
الخلاصة واضحة:
لسنا أمام أحزاب سياسية حقيقية، بل أمام عصابات بثياب السياسة، تتاجر بالوطن وتستهلك معاناة الشعب، وتحول كل أزمة إلى فرصة للابتزاز والمكاسب.