د. منار السيد عبد الرءوف: أثر تراكم المخلفات البلاستيكية على البيئة

د. منار السيد عبد الرءوف: أثر تراكم المخلفات البلاستيكية على البيئة

(أبين الآن) متابعات

البلاستيك بكافة أنواعه مُصنّع بشكل أساسي من البترول ويمتاز بأنه قوي ومتين، فهو يتكون من جزيئات كبيرة الحجم ترتبط ببعضها بسلاسل طويلة الأمد تحتاج الى سنين عديدة لتتفكك وتتحلل مسببة مخاطر جمة أهمها مخاطر النفايات البلاستيكية على البيئة.

يعد استخدام البلاستيك جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث يدخل في معظم الأشياء ابتداءً من أكياس البقالة وعبوات المياه وأكياس التغليف وغيرها الكثير.

غالبا تستخدم المواد البلاستيكية لمرة واحدة، لينتهي بها الأمر في مكبات النفايات والحدائق العامة وعلى جوانب الطرقات وحتى في المسطحات المائية، ونتيجةً لذلك يحدث التلوث الذي يطلق عليه التلوث البيئي، وهو تراكم المواد البلاستيكية بدرجة كبيرة جداً في البيئة، مما يؤدي الى إلحاق الضرر بحياة مختلف الكائنات الحية وكذلك الإنسان. وسنتحدث في مقالنا هذا بشكل موسع عن مخاطر النفايات البلاستيكية على البيئة بشكل عام والبيئة البحرية بشكل خاص.

مخاطر النفايات البلاستيكية على البيئة

تواجه الأنظمة البيئية سواء كانت التربة، أو المياه، أو الهواء أضرار وخسائر كثيرة بسبب تأثير النفايات البلاستيكية على البيئة، فهذا النوع من النفايات لا يتحلل إلاّ بعد مرور آلاف السنين، مما يسبب أضراراً كارثية على البيئة والغلاف الجوي وصحة البشر والحيوانات والنباتات، سوف نقدم شرح بسيط عن مخاطر وأضرار النفايات البلاستيكية في البيئة وعلى الكائنات الحية.

أضرار البلاستيك على التربة

من المعروف أن النفايات البلاستيكية لا تتحلل على الفور، فهذا يؤدي الى تراكمها في التربة، مما يفقدها خصوبتها على المدى البعيد، بالإضافة الى وجود العبوات البلاستيكية وغيرها من المخلفات التي تؤثر على نمو الأعشاب والنباتات بشكل طبيعي، فهي تعمل على حجب ضوء الشمس عن التربة، مما يفسدها ويقلل من وجود الحشرات الحية فيها، وبالتالي يحدث خلل في التكوين البيولوجي للتربة، فتصبح غير صالحة.

أحد مقالب النفايات البلاستيكية

أضرار البلاستيك على البيئة المحيطة

يتمثل خطر البلاستيك على اليابسة بشكل كبير بتلك الأراضي المخصصة لمكبات النفايات البلاستيكية، فنظراً لتكدّس كميات كبيرة من النفايات، تكثر بعض الكائنات الحيّة الدقيقة التي تُسرّع من عملية التحلل البيولوجي للمواد البلاستيكية، مما يؤدي الى إنتاج غاز الميثان، وهو الغاز المساهم بالدرجة الأولى في حدوث الاحتباس الحراري.

بعض الدول تعمل على تركيب أجهزة لتجميع الغاز من مكبات النفايات والاستفادة منه في إنتاج الطاقة، ولكن هذا الأمر لا يمكن تطبيقه في جميع أنحاء العالم، مما يجعل المشكلة قائمة حتى هذه اللحظة. إضافةً الى تأثر آبار المياه الجوفية بسموم المخلفات البلاستيكية، وبالتالي تصبح غير صالحة للشرب.

اضرار المخلفات البلاستيكية على البيئة البحرية

تتعرض المحيطات الى خطر المخلفات البلاستيكية على البيئة البحرية التي تنتج عن تجمع الأكياس البلاستيكية وأوعية الأطعمة والعبوات الفارغة في قاعها، ومع تراكم هذه النفايات، يموت عدد كبير من الكائنات البحرية والأسماك نتيجة وقوعها في فخ المخلفات البلاستيكية وصعوبة الخلاص منها، مما يودي بها الى الموت.

مع مرور الزمن، تنقسم المخلفات الى عدة أجزاء صغيرة مخلفة أضراراً أكبر تتمثل بابتلاع الأسماك لها، مما يلوث أنسجتها ويؤدي الى موتها.

أكثر الحيوانات البحرية المتضررة من المخلفات البلاستيكية هي السلاحف والحيتان والفقمة، حيث تتناول مع طعامها الأكياس والعبوات الفارغة وهذا يعمل على انسداد قنواتها الهضمية مما يؤدي الى موتها، بالإضافة الى إلحاق الضرر بالشعاب المرجانية، فإن التفاف أكياس البلاستيك حول الشعاب المرجانية قد يحرمها من ضوء الشمس ومن التيارات المائية المتجددة التي تحمل لها الطعام والأكسجين، الأمر الذي يؤدي إلى تدهورها.

يمكن للسلاحف أن تأكل الأكياس البلاستيكية لاعتقادها أنها قناديل البحر

أضرار البلاستيك على الحيوانات والطيور

يخسر العالم الملايين من طيور النورس سنوياً بسبب المخلفات البلاستيكية التي تحملها الطيور في جهازها الهضمي، فتعمل على تلويثه وتدميره مع مرور الوقت ومن ثم الموت.

إنّ الحيوانات والطيور التي تنجو من الموت تتعرض للعديد من الأمراض بسبب التلوث، وبالتالي تنتقل هذه الأمراض تلقائياً الى الإنسان عندما يقوم بأكلها.

أما بالنسبة للحيوانات البرية، فإن تطاير الأكياس البلاستيكية في المراعي والمناطق الريفية يؤدي الى نفوق الكثير منها، مثل الأبقار والماعز والأغنام، فقد لوحظ أن وجود هذه الأكياس أو جزء منها يؤدي الى انسداد الجهاز التنفسي وخاصة القصبات الهوائية والرئتين، بالإضافة الى انسداد القناة الهضمية لدى الحيوانات التي تبتلعها، وتكون النتيجة إما المرض أو فقدان الشهية أو الموت.

تؤثر المواد البلاستيكية الدقيقة – أجزاء صغيرة من الزجاجات والحقائب والألياف الصناعية ونفايات بلاستيكية أخرى تتفكك في البيئة – على مناخ الأرض أثناء دورانها عبر الغلاف الجوي.

مثل جزيئات الهباء الجوي الأخرى، الطبيعية والاصطناعية، هذه اللدائن الدقيقة يبدو أن لها تأثير تبريد شامل (وإن كان صغيرًا)، وفقًا للدراسة الأولى التي تبحث في التأثيرات المناخية المحتملة للجسيمات البلاستيكية الدقيقة المحمولة عبر الهواء.

تتفتت جميع أنواع النفايات البلاستيكية إلى قطع أصغر عند تعرضها لأشعة الشمس والرياح والأمطار والظروف البيئية الأخرى.

ويعني انخفاض كثافة البلاستيك، أن هذه الشظايا يُمكن بسهولة أن تلتقطها الرياح وتهب في جميع أنحاء العالم. وقد اكتشف العلماء في السنوات الأخيرة، جزيئات بلاستيكية دقيقة في قمم الجبال النائية وفي القطب الشمالي.

يقول مؤلفو الدراسة إن النتائج، التي نُشرت في دورية Nature تُظهر الحاجة الملحة للتعامل بشكل أفضل مع كمية الحطام البلاستيكي الموجود في الهواء، ومكانه ومكوناته من أجل تحديد تأثيرها المناخي.

خطر ببال الباحثين – بمن فيهم “لورا ريفيل”، عالمة الغلاف الجوي في جامعة كانتربري بنيوزيلندا وأحد مؤلفي الدراسة الجديدة – أن كل الجسيمات التي تدور حول الكرة الأرضية ستعترض ضوء الشمس، كما يفعل الهباء الجوي الآخر مثل الغبار والكبريتات والكربون الأسود.

كل هذا يؤثر في النهاية على درجات الحرارة على سطح الأرض. الكبريتات، على سبيل المثال، تشتت الإشعاع، ما يؤدي إلى تأثير التبريد.

من ناحية أخرى، يمتص الكربون الأسود الأشعة المرئية والأشعة تحت الحمراء، ما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي.

ولكن على عكس الكبريتات أو الكربون الأسود، فإن البلاستيك ليس مادة واحدة بل مئات المواد.

فهو يشمل العديد من البوليمرات المختلفة، بالإضافة إلى المواد الكيميائية والأصباغ المضافة إليها، كما تأتي جزيئات البلاستيك الدقيق أيضًا في مجموعة واسعة من الأحجام والأشكال.

بحثت الدراسة في الأجزاء غير الملونة والألياف المتساقطة بواسطة النسيج الصناعي لأنها كانت المواد الوحيدة التي يمتلك الباحثون معلومات عن الخصائص الإشعاعية لها. وهذه الجسيمات تبعثر الأشعة فوق البنفسجية والضوء المرئي وتمتص ضوء الأشعة تحت الحمراء. عندما أدرج العلماء هذه التفاعلات في نماذج المناخ العالمي، تمكنوا من تقدير التأثير الصافي للجسيمات على توازن طاقة الأرض والذي كان تبريدًا طفيفًا للغاية.

يمكن أن يختلف التأثير الدقيق على درجة الحرارة اعتمادًا على عدد الجزيئات المتضمنة، ومدى ارتفاعها في الغلاف الجوي والعديد من المتغيرات الأخرى. نظرًا لأن “ريفيل” وزملائها في الدراسة أرادوا اتخاذ الخطوة الأولى في معالجة مسألة تأثير المناخ، فقد افترضوا تركيزًا موحدًا لجسيم بلاستيكي دقيق واحد لكل متر مكعب من الهواء في جميع أنحاء الطبقة الدنيا من الغلاف الجوي.

حتى دراسات التركيز المحدود التي تم إجراؤها حتى الآن تظهر اختلافات كبيرة، من 0.01 جسيم لكل متر مكعب فوق أجزاء من المحيط الهادي إلى ارتفاع يصل إلى 5550 جسيمًا لكل متر مكعب فوق بكين.

وقد استخدمت الدراسات طرقًا مختلفة لأخذ العينات، بعضها يفتقد إلى أصغر جزيئات البلاستيك. في الدراسات التي استخدمت طرقًا أكثر حساسية، شكلت الجزيئات الأصغر نصف ما تم العثور عليه. ولا يعرف العلماء حتى الآن عدد اللدائن الدقيقة التي قد تكون موجودة في مستويات أعلى من الغلاف الجوي حيث يمكن أن تكون آثارها مختلفة.

يؤدي أيضًا تحليل الأصباغ والمواد المضافة الأخرى إلى تغيير تأثيرها. فالأصباغ، على سبيل المثال، تزيد عمومًا من امتصاص الضوء، ما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي.

تقول “ريفيل”:” إنه ببساطة لا توجد معلومات كافية متاحة حتى الآن لاستخلاص مثل هذه الاستنتاجات. ثم هناك مواد عضوية يمكن أن تغير الأشياء عن طريق الالتصاق بجزيئات البلاستيك، وكذلك الطرق التي قد تتفاعل بها هذه الجسيمات مع المواد الكيميائية الأخرى في الغلاف الجوي أو تؤثر على تكوين السحب”.

وعلى الرغم من أن التأثير الإجمالي الذي حسبته “ريفيل” وزملاؤها ضئيل، مقارنةً بتأثير الهباء الجوي الأخرى، إلا أنه كبير بما يكفي ليتم قياسه كميًا.

سمّية المحاصيل

لتغير المناخ تأثير كبير على سلامة الغذاء وأمن الغذاء. ويوضح التقرير كيف يتسبب ارتفاع درجات الحرارة في تراكم مركبات كيميائية في المحاصيل هي سامة للحيوانات والبشر. القمح والشعير والذرة والدخن هي من المحاصيل الأكثر عرضة لتراكم النيترات مثلاً، نتيجة جفاف يستمر فترة طويلة. وتسمم المواشي الحاد بالنيترات يمكن أن يؤدي إلى إجهاضها واختناقها وموتها، ما يقوض حياة صغار المزارعين والرعاة.

والأمطار الغزيرة التي تقطع موجة جفاف طويلة يمكن أن تتسبب في تراكم خطير لمادة سامة أخرى تدعى سيانيد الهيدروجين أو الحمض البروسي، في محاصيل مثل الكتان والذرة والسرغوم والكرز والتفاح.

أما الأفلاتوكسينات، فهي سموم فطرية يمكن أن تسبب السرطان أو تعيق نمو الأجنّة. ويزداد خطر تلوث المحاصيل بها، خصوصاً الذرة، في الأماكن المرتفعة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة. وهذه مشكلة زراعية ناشئة. وتتوقع دراسة حديثة أن يصبح هذا السم قضية من قضايا سلامة الغذاء في أوروبا، خصوصاً في السيناريو الأكثر احتمالاً وهو ارتفاع معدل درجات الحرارة العالمية درجتين مئويتين.

2. الأمراض الحيوانية المنشأ

تزداد الأمراض التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر. ويرتبط هذا الارتفاع ارتباطاً وثيقاً بصحة النظم الايكولوجية. فالنشاطات البشرية التي تعتدي على الموائل الطبيعية تتيح لمسببات الأمراض في الأحياء البرية فرصة الانتشار بسهولة أكبر إلى الماشية والبشر.

شهدت السنوات الأخيرة ظهور عدة أمراض حيوانية المنشأ احتلت العناوين الرئيسية في وسائل الإعلام، ومنها إيبولا وزيكا وإنفلونزا الطيور وفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية. ولمسببات هذه الأمراض «خزّانات» في الأحياء البرية التي تستضيفها على المدى الطويل. وخلال العقدين الأخيرين، بلغت التكاليف المباشرة للأمراض الحيوانية الناشئة أكثر من 100 بليون دولار. ولو تفشت هذه الأمراض كأوبئة بشرية، لارتفعت الخسائر إلى تريليونات الدولارات وفق التقرير.

3. الميكروبلاستيك يغزو البحار

يتسابق المجتمع العلمي لمعرفة أثر الكمية المتنامية لجزيئات البلاستيك في المحيطات على مختلف الكائنات الحية، وعلى صحة الإنسان من خلال استهلاك غذاء ملوَّث. هذه القطع البلاستيكية الدقيقة، التي تراوح بين حجم نملة وفيروس، موجودة في النظم المائية حول العالم وفي بطن كل حي، من العوالق الحيوانية إلى الحيتان.

تتفكك النفايات البلاستيكية في البيئة البحرية إلى قطع صغيرة بفعل عوامل مثل الاشعاعات فوق البنفسجية والرياح والأمواج والحرارة العالية.

وقدرت دراسة علمية أن كل كيلومتر مربع من محيطات العالم يحوي في المعدل نحو 63 ألف قطعة ميكروبلاستيك عائمة.

وهي تدخل إلى أجسام الكائنات البحرية، من العوالق الحيوانية واللافقاريات إلى الأسماك والطيور البحرية والحيتان، إما مباشرة من خلال الابتلاع المباشر للمياه وإما بشكل غير مباشر كمفترسات للحيوانات التي ابتلعتها.

ومن التأثيرات المحتملة تسمم الجهاز المناعي واختلال عمل الغدد الصماء والاضطرابات التناسلية وتشوه الأجنة.

4. القطاع المالي يدعم الاستدامة

لا يقتصر دور القطاع المالي على تعزيز النمو الاقتصادي، فله أيضاً دور حاسم ليؤديه بالاستثمار في أصول جديدة منخفضة الكربون ومقتصدة بالموارد وسليمة بيئياً. ويمكنه أيضاً نقل رؤوس الأموال بعيداً عن الأصول التقليدية التي تضر بالبيئة.

ويقدم تقرير «يونيب» عدداً من المبادرات المالية والصناعية الناشئة التي توفر حلولاً مبتكرة يمكنها أن تُحدث تغييراً مستداماً.

من ذلك على سبيل المثال «خطة العيش المستدام» لشركة «يونيليفر» العالمية العملاقة التي تعهدت بخفض تأثير الشركة المضر بالبيئة إلى النصف بحلول سنة 2020، مع التعهد أيضاً بتحسين صحة بليون شخص. ومع نهاية 2014، كانت «يونيليفر» خفضت كمية انبعاثات غازات الدفيئة التي تنتجها مصانعها بنسبة 37 في المئة مقارنة بمستويات 2008، ما يؤكد قدرة القطاع المالي والصناعي على تحقيق تغيير بيئي إيجابي.

5. تغير المناخ

يسلط التقرير الضوء على قضيتين حاسمتين ترتبطان بتغير المناخ، هما الخسارة والضرر. وبالنظر إلى تأخر دول العالم في العمل الفعلي للحد من مسببات تغير المناخ والتخفيف من تأثيراته التي شهدتها السنوات الـ25 الأخيرة والتكيف معها، تشير الأدلة العلمية إلى أن لا مفر من الخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ، مع عواقب وخيمة على النظم الإيكولوجية والناس والأصول والاقتصادات. وهذا ما يحدث بالفعل.

وموجات الحر الكارثية التي حصلت عام 2003 هي مثال صارخ على ما يحدث عندما تفشل جهود مكافحة التغيرات المناخية والتكيف معها. ففي تلك السنة توفي نحو 30 ألف شخص، وتقلصت الأنهار الجليدية، وذابت التربة الجليدية، وخسر القطاع الزراعي في الاتحاد الأوروبي نحو 15 بليون دولار.

6. التجارة غير المشروعة بالحياة البرية

أحدث القضايا الناشئة هي التجارة غير المشروعة بالحياة البرية، التي تشكل خطراً جسيماً على النظم الإيكولوجية وأعداد الأحياء البرية. وتتنامى التجارة غير المشروعة بالحيوانات البرية الحية و«الأليفة» حتى أصبحت قطاعاً مزدهراً يجتذب شبكات إجرامية.

وذلك لا يعرض بقاء الأنواع للخطر فحسب، بل يعرض البشر أيضاً لأمراض حيوانية المنشأ ترتبط بالأنواع التي تشملها هذه التجارة.