إلى سيد الخلق
لقد انتظرك أجدادنا بصبر نافذ ياقمر بني هاشم ، كانوا يتمنون أن تطول بهم الأعمار حتى تولد ياسيد الخلق ، لعلهم يشبعون أبصارهم بشيء من نورك الذي أضاء قصور بصرى في الشام يوم مولدك ، أو يمتعون أسماعهم بالقليل من سحر حديثك الذي لا يمل ، أرادوا أن يحملوا رايتك ، وأن يستبسلوا تحت قيادتك ، وأن يستشهدوا مؤمنين في خندقك ، وعندما تيقنوا أنهم سيرحلون عن الدنيا قبل أن يفرحوا بمقدمك ، وقبل أن ينالهم شرف استقبالك والاحتفاء بك ، أوصوا أبناءهم بأنك قادم لا محالة ، وأن الكثير من أهلك وأقاربك سوف يتنكرون لك ، ويكذبون دعوتك ، وسيطعنون في صدق رسالتك ؛ لذلك ما عليهم إلا أن يحسنوا وفادتك ، وأن يتولوا حمايتك ، ونشر رسالتك ، وأن يصطفوا مخلصين تحت امرتك ، وأن يفتحوا دورهم لهجرتك ، وأن يجعلوا أرزاقهم وممتلكاتهم تحت تصرفك ، وأن يشحذوا السيوف ، ويرفعوا الرايات انتصارا لعدالة قضيتك .
فأنت تعلم يا سيدي يا رسول الله أن الأبناء قد صدقوك العهد ، كانوا خير المعين لتحقيق رسالتك ، والمتنفس الطيب عند شدتك ، والمجيب الأول لدعوتك ، آمنوا ثم آووا ونصروا ، آثروا على أنفسهم مع مابهم من الخصاصة ، تصدروا صفوف الجهاد ، وأسقطوا الامبراطوريات الشداد ، جعلوا كلمة الله هي العليا في أصقاع الأرض ، نشروا عدالة الإسلام في أوساط البشرية ، لم يفكروا يوما في الجاه أو السلطان ، مع ما أصابهم ـ من بعدك ـ من جور الولاة وطغيان الرعية ،
ومع ذلك ، ها نحن اليوم أبناء الأبناء ، وأحفاد الأحفاد ، مازلنا على عهد آبائنا لك ، ووصية أجدادنا بتعظيمك ، نؤكد السمع والطاعة لك ، نحبك الحب كله ، نعتز بسيرتك ، ونتشرف بولائك وطاعتك ، نتمسك بمنهجك ، ونموت على صراطك ، نستنشق عبيرك ، ونستهدي بنورك ، مع مانلاقيه من صلف الأدعياء ، وظلم الأقرباء ، وجور الأغبياء ، وتضافر الصهاينة ، والحاقدين من الأعداء ...
وبناء على ما تقدم نقول لك ياسيد الخلق ، ياسيدي يارسول الله : نم قرير العين ، فنحن على العهد باقون ، وبسيرتك متمسكون ، ولتوجيهاتك منفذون ، لن نلتفت لمن يثبطنا ، ولن نأبه بمن يخذلنا ، ولن نسمع لمن يخالفنا ، ولن نحسب حسابا لجحافل الأعداء ، حتى نلحق بك في ضيافة الرفيق الأعلى بإذن الله.