مفهوم الحرية والسلام في فكر الرئيس ناصر !

التاريخ لأي مفهوم من المفاهيم الفكرية على حد سواء أمر عسير ومعقد في جميع الثقافات ، وتصبح المسألة أشد عسراً في التاريخ القومي لاي بلد وقت يكون المتربصين ناقصين في حريتهم وسلامهم ، فمارمى له الرئيس علي ناصر محمد ليس بالأمر السهل كما يدعون اولئك المغغلون ثقافياً ، ذلك أن المفهوم يتغير ويتأثر أحياناً برؤى دينية وسياسية متباينة قد لايفهم ذلك المشروع أقزام اللعبة السياسية المتناحرة الخالية من الحرية والسلام والتي تكاد في مضمونها ناقصة ومستوردة !

الرئيس علي ناصر محمد مشروع دولة كبرى وأن اختلفت المعايير ، وليس غريب على من يتشدقون باسم الحرية والسلام وهم بعيدون كل البعد عنها ، وإذا نظرنا إلى فلسفتهم البرجماتية لرأينا الرقيق وهم يمثلون قوة عسكرية هائلة وبضاعة ثمينة من بضائع العصر ، وقد حال هذا العامل الاقتصادي إلى جانب عوامل أخرى فمن المسؤول عن كل هذا ؟ دون قطع خطوة جديدة نحو تقليص ظاهرة العبودية والرق ، وليس كل مصقول الحديد يماني !

لما تحولت الخلافة الراشدة القائمة على الشورى في عهد الأمويين دشن معاوية بن أبي سفيان معنى الحرية بمسميات لم يفهما ذلك القوم لطيش في عقولهم فخطب معاوية فيهم قائلاً : (فاقبلونا بمافينا ، فإن ماوراءنا شر لكم إلى آخر الخطبة) فقبل القوم بكل ماجاء به معاوية من حرية وسلام ، لاشك من كل هذا الذي أوردناه أن بعض من اقوامنا المتحاملة على الرئيس ناصر ستقبل ولو بعد حين بكل ماجاء به فهو الناصر والمنقذ السياسي لهذا الشعب !

ليس من المبالغة القول : أن مفهوم الحرية بالمعنى السياسي والذي استعمل نقيضاً للحكم المطلق الاستبدادي والذي لم تتضح سماته بعد ولم يستعمله رواد حركات التنوير في بلادنا مثالاً ناجعاً لمقاومة النظم الاستبدادية إلا إذا تناولها الرئيس ناصر واضاف عليها بعض التعديلات ، فياترى ماهي أبرز هذه السمات التنويرية في فكر هؤلاء !

أن المجال غير كافي ولايسمح بتناول تلك المراحل التنويرية التي ذهب إليها الرئيس ناصر لما لها من مدلولات فكرية قد نتوه ويتوه القارئ معانا ، ولكن توخينا هنا وركزنا بشفافية على الجوانب السياسية التي قدحوا فيها بحق الاب الروحي للوطنية والحرية والسلام ابو جمال ، لنصل في الختام أن بفقدانها تفقد الآمال وتبطل الأعمال وتموت النفوس وتتعطل الشرائع وتختل الموازين !