عبق شبام حين كانت التمور تغسل على السطوح (الريوم)

في مثل هذه الأيام حين تخطو في أزقة مدينة شبام تشعر أن الزمن يهمس لك من بين الجدران الطينية العتيقة تنظر إلى سطوح البيوت المعروفة (الريوم) فتراها تفيض بالماء لا من المطر بل من طقوس غسل التمور التي كانت وما زالت جزءاً من ذاكرة المدينة.

كم تمنيت لو امتد بي العمر إلى تلك اللحظات لأعيشها بكل تفاصيلها شبام المدينة التي تحيط بها أشجار النخيل كحزام أخضر تستقبل في كل خريف نجم المرزم إيذاناً بموسم حصاد التمر ورزمه في الأزيار والجحال المصنوعة من الفخار.

كانت النسوة يتجمعن في أحد البيوت كجارات وأخوات في مشهد يعكس دفء العلاقات وتقارب البيوت وتداخلها وبينهن ممر يُعرف (بالمسلف) حيث تبدأ رحلة تقليف التمور وغسلها ثم رزمها في طقس جماعي يفيض بالحياة.

أتذكر تلك الأيام حين كنت صغيراً نعيش بجوار أسرة آل معاشر لا كجيران فحسب بل كأهل وأسرة واحدة كنا نصعد إلى السطح ( الريم ) حيث تجتمع الأسرتان لتحضير التمور وتقليفها ثم تعبئتها في أكياس حرارية في مشهد لا يُنسى من طفولتي.

كانت تلك اللحظات الجميلة بمثابة مرآة للزمن أتمنى لو يعود بي إليه لأستنشق عبق الطبيعة وأغتسل بصفاء الحياة في سن الطفولة.