المال العام بين أيدي السارقين .. وأين العقوبة؟

في زمنٍ تتسابق فيه الشعوب نحو العدالة والشفافية، يبقى المال العام في بعض الأوطان غنيمةً يتقاسمها السارقون بلا خوفٍ من حساب، ولا خشيةٍ من عقاب. يُسرق المال الذي هو حقٌ للشعب، يُنهب من ميزانيات التعليم والصحة والبنية التحتية، ويُحوّل إلى أرصدة خاصة، عقارات فاخرة، وصفقات مشبوهة. ومع ذلك، لا نرى محاكمات علنية، ولا نسمع عن استردادٍ للأموال، وكأنّ المال العام لا صاحب له.

أين الدولة من هؤلاء؟

حين يُسرق المواطن البسيط رغيف خبزه، يُلاحق ويُعاقب. أما من يسرق الملايين من خزينة الدولة، فغالباً ما يُكرّم أو يُعاد تدويره في منصبٍ جديد. هذه المفارقة ليست فقط ظلماً، بل هي انهيارٌ أخلاقيٌ في منظومة الحكم، وتواطؤٌ صامتٌ ضد الشعب.

عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص رضي الله عنهما... درسٌ في العدالة

حين سأل عمر بن الخطاب عمرو بن العاص:

"ماذا تفعل إذا أتاك سارق؟"

أجاب عمرو:

_"أقطع يده."

فقال له عمر:

"وأنا إن جاءني جائع من مصر، قطعت يدك."

هذا الحوار ليس مجرد كلمات، بل هو دستورٌ أخلاقيٌ للحكم الرشيد. عمر لم يرَ في الجائع مجرماً، بل ضحيةً لحاكمٍ قصّر في واجبه. فالمسؤولية لا تبدأ عند تطبيق الحدود، بل عند تأمين حاجات الناس الأساسية: الطعام، الكرامة، والعدالة.

لماذا لا يُعاقب سارق المال العام؟

1- لأن بعض الأنظمة تُغطي على الفساد بدلاً من محاربته. 

2- لأن القضاء قد يُخضع للنفوذ السياسي. 

3- لأن الإعلام يُكمم حين يقترب من ملفات الفساد. 

4- لأن الشعب يُنهك ويُشغل بلقمة العيش، فيُمنع من المطالبة بحقوقه. 

رسالتي لكل مسؤول:

إذا أردت أن تُقيم العدل، فابدأ بمحاسبة من يسرق المال العام. لا تُشغل الناس بالشعارات، بل أعطهم حقهم في الحياة الكريمة. فإن وُجد الجوع، فاللوم لا يقع على الجائع، بل على من قصّر في رعاية شؤون الناس.