"افتهان المشهري... شهيدة النقاء في زمن الغدر"
بقلم: الخضر محمد علي الوليدي
إلى تعز الجريحة... العظيمة رغم الوجع...
نكتب إليكم اليوم لا لنرثي امرأة سقطت برصاص الغدر، بل لنوقظ فيكم ما تبقى من صوتٍ للحق، من نبضٍ للوطن، من دمٍ يغلي إن تُرك الجرح دون محاسبة.
افتهان المشهري لم تكن مجرد مديرة لصندوق النظافة في محافظة تعز.
كانت قلبًا نابضًا بحب مدينتها. كانت حلمًا يمشي على أرضٍ أنهكها التناحر والفساد. كانت امرأة اختارت أن تضيء شمعة في طريقٍ مُظلم، فتكالبت عليها أيادي الظلام لتطفئها... بدمٍ بارد، وضمير ميت.
لم تشفع لها نزاهتها.
لم تشفع لها سنوات النضال، ولا تفانيها في خدمة مدينة ما ترك فيها الكبار إلا رماد خيباتهم.
في أشهر قليلة، أعادت لشارع تعز لونه، ولوجه المدينة بريقه، فكان لا بدّ أن تدفع الثمن.
هكذا في وضح النهار، أمام أعين الجميع، اغتيلت افتهان، فقط لأنها عملت بصدق، لا لأنها خانت، فقط لأنها أحبّت تعز، لا لأنها باعتها.
فإلى متى يا أبناء تعز؟
إلى متى تتركون مدينتكم لقمة سائغة في فم العبث والمجهول؟
إلى متى تصمتون وأنتم ترون الأحلام تُغتال تباعًا؟
إن لم تتحركوا اليوم، فغدًا تُكتب أسماء أبنائكم وبناتكم في قائمة النسيان، أو في قائمة القتل القادمة.
تعز ليست بخيلة بأبطالها، لكنها متخمة بأعشاش الفاسدين، لا ترحلوا عن مدينتكم وتتركوها وحيدة تواجه خفافيش الظلام.
الشهيدة افتهان أوصلت رسالتها بدمها، فهل من مجيب؟
اجعلوا من دمها لعنة تطارد قاتليها... لا مجرّد خبر يُنسى.
اجعلوا من اسمها عنوانًا لمرحلة لا يُسمح فيها بعد اليوم باغتيال الشرفاء.
السلام على روحك الطاهرة يا افتهان،
رحمك الله وأدخلك فسيح جناته.
ستظلين في ذاكرة تعز امرأة بحجم مدينة، ومشروع حياة اغتيل... لكنه لن يُنسى