الجدوى السياسية والاقتصادية والعسكرية من السيطرة على مدينة تعز ..!!

وأنا أتابع تطورات ومستجدات قضية الشهيدة افتهان المشهري ، لاحظت بأن هناك مساعي حثيثة من قيادات وناشطين القوى والاحزاب المسيطرة على السلطة في تعز لحرف مسار القضية من قضية جنائية ارهابية إلى قضية ذات أبعاد سياسية وعسكرية ، فبعد أن وقفوا عاجزين عن صناعة المبررات والاعذار الشخصية والجنائية للقتلة والمجرمين نتيجة بشاعة وهول الجريمة وانكشاف المجرمين وتوثيق وتصوير قيامهم بالجرم المشهود في وضح النهار ، بدأو في القول بأن هناك أيادي خفية هي من تحرك الجماهير وهي من تسعى لاستغلال القضية لتحقيق اهداف سياسية وعسكرية وإنها تسعى من خلال ذلك إلى إسقاط السلطة الحاكمة في تعز والسيطرة العسكرية عليها ، موجهين سهام اتهامهم للسلطة الحاكمة في صنعاء وللحراك الانتقالي الجنوبي وللقوات المتواجدة في المخا ، في محاولة منهم لاستثارة الجماهير التعزية من خلال ايهامهم بأن هناك خطر حقيقي محدق بمدينتهم يستوجب ترك الخلافات والقضايا القائمة وتوحيد الصفوف لمواجهة الاعداء المحيطين بالمدينة والمتربصين بها والذين ينتظرون الفرصة للانقضاض عليها ، كما أنهم يستثيرون عواطف أبناء مدينة تعز بدماء الشهداء والتضحيات التي قدموها في سبيل الدفاع عن المدينة ..!! 

وهذا اسلوب من اساليب علم النفس يهدف إلى لفت نظر الجماهير إلى خطر كبير يهددهم ويهدد مدينتهم وهو ما يجعلهم يتغاضون عن بعض التجاوزات والسلبيات الحاصلة داخل مدينة تعز ، وفي مقدمتها فضية اغتيال الشهيدة افتهان ، وهكذا محاولات في هكذا مواقف لم تعد ذات جدوى ، فما يحدث في مدينة تعز من فساد وانفلات أمني وضياع للحقوق ومصادرة للحريات وسلب ونهب وبطش واستبداد وطغيان وظلم ...الخ ، يدفع بالكثير من أبناء مدبنة تعز وخصوصا المعارضين والمتضررين من السلطة الحاكمة وما أكثرهم إلى التفكير في كل الطرق التي قد تساعدهم في الخلاص من هذه السلطة الجائرة والفاسدة ، حتى لو كان ذلك على يد قوى خارجية ، فما بالك وتلك القوى هي قوى محلية ووطنية ، أثبتت جدارتها في إدارة المناطق الواقعة تحت سلطتها بغض النظر عن بعض التجاوزات هنا وهناك ، والتي لا وجه للمقارنة بينها وبين ما يحدث داخل مدينة تعز ، وهذا الموقف يساهم بشكل كبير في فشل تلك المحاولات فالمواطن التعزي لم يعد يفرق معه من يحكمه هذا الطرف أو ذاك ، بعد أن فقد الأمن والأمان والثقة بالسلطة الحاكمة لمدينته ، وبعد أن شاهد قيادات تلك السلطة وهي تمارس الفساد والعبث بأمن المدينة من خلال دعمها للعصابات الاجرامية والارهابية وحمايتها لها ، ومن خلال التستر على المجرمين والقتلة وتوفير الحماية لهم ، فالتلويح بورقة سقوط المدينة في يد القوى المحيطة بها لم يعد ذات جدوى ، بعد أن أصبح دخول تلك القوات مطلب الكثير من أبناء تعز لإنقاذهم من بطش وجبروت السلطة الحاكمة والعصابات الاجرامية والارهابية المرتبطة بها والمدعومة منها ..!! 

لكن للأسف .... 
الوضع السياسي والعسكري والاقتصادي والاجتماعي والاداري والتنموي الذي تعيشه مدينة تعز ، لم يعد مشجع للقوات المحيطة بها لدخولها والسيطرة عليها ، فلا يمكن لقيادات سياسية وعسكرية واعية أن تغامر بدخول مدينة فقدث أمنها وأمانها وأصبحت وكر للعصابات الاجرامية والارهابية ، وأصبح الفساد هو القوة الفاعلة فيها ، كما أن هذه المدينة لا يوجد بها أي موارد اقتصادية يمكن أن تشجع أي طرف على دخولها ، بالعكس فجميع الأطراف تفهم جيدا بأن السيطرة على هذه المدينة ذات الكثافة السكانية الكبيرة في وضعها الكارثي الحالي يمثل عبء اقتصادي وأمني وعسكري وتنموي وخدمي كبير ، ومن غير المعقول أن يقبل طرف سياسي أو عسكري إدخال نفسه في مستنقع مدينة تعز الموحل بالفوضى والفساد والفشل والعجز والتعصب والمناطقية والعنف ..!! 

 وفي الختام أريد التوضيح لمن يحاولون تغيير مسار قضية الشهيدة افتهان المشهري ، بأن أي محاولاتهم سوف تبوء بالفشل الذربع ، لأن الجميع بات يعرف بأن سلطة تعز الفاسدة لم تعد بحاجة لقوة خارجية لاسقاطها فقد اسقطت نفسها بنفسها من داخلها ، نتيجة فشلها وعجزها عن القيام بواجباتها تجاه المواطنين ، ونتيجة استبدادها وطغيانها وبطشها ورعايتها وحمايتها للعصابات الاجرامية والارهابية ، ونتيجة عنصريتها ومناطقيتها ، فقد أصبح الجميع يدرك بأن مدينة تعز أصبحت ملكية خاصة لأسرة واحدة ، وهو يستعرض أسماء المسئولين وأسماء القيادات الأمنية والعسكرية فيها ، لذلك على السلطة الحاكمة في تعز وأتباعها والمتعصبين لها أن يعترفوا بفشلهم وفسادهم وطغيانهم وعنصريتهم ومناطقيتهم وأنهم بعيدين كل البعد عن بناء دولة ، فقد تمخضت تجربتهم في الحكم والسلطة بإنتاج أسوأ وأفشل وأقبح سلطة عرفتها البشرية ، ولم يعد أمامهم من خيار سوى حمل فشلهم وعنصريتهم ومناطقيتهم ، وترك السلطة لأبناء تعز الاحرار والشرفاء لعلهم يتداركوا الوضع وينقذوا ما يمكن انقاذه ويستعيدوا وجه مدينة تعز المشرق الذي شوهته أيادي الاجرام والارهاب لسنوات طويلة ..!!