دروس من سورة الزمر: عبادة الليل وثمار الصبر والإحسان.
بقلم: منصور بلعيدي_
في عالم يتسابق فيه الناس وراء الدنيا وملذاتها، تبقى آيات القرآن الكريم منارة تهدي النفوس إلى الطريق المستقيم، وتذكر العقول بقيم التقوى والعمل الصالح.
ومن بين هذه الآيات، تتجلى عظمة آيتين من سورة الزمر، التي تحمل في طياتها دروسًا عميقة للمؤمنين، خاصة في زمننا هذا الذي يزداد فيه التحدي والفتن.
تبدأ السورة بآية تتحدث عن قانت الليل، ذلك الإنسان الذي يخص الله من وقته وليلُه، يركع ويسجد، يخاف الآخرة ويرجو رحمة ربه.
هذه البناء التصويري ليس مجرد وصف لحالة روحية ما ، بل دعوة صريحة للمؤمنين أن ينهلوا من عبادة الليل، فهي مفتاح الفلاح في الدنيا والفوز في الآخرة.
فالخوف من الحساب، والرجاء في رحمة الله والاجر والثواب ، يدفعان العبد إلى التضرع والدعاء، ويجعلان قلبه سليمًا من شوائب الدنيا حين تذلله بين يدب خالقه ورازقه، فالعبد لا ينجو إلا من أتى الله بقلب سليم.
وفي الاية الثانية يُوجه الله خطابًا للرسول صلى الله عليه وسلم، يسأله أن يسأل المشركين: هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟ سؤال استنكاري يحمل في طياته أن العلم والعمل هما مفتاح الفلاح، وأن من يعبد الله بصدق، ويعمل صالحًا، هو من أولي الألباب، الذين يتفكرون ويتدبرون في آيات الله.
وفي الآية الثانية ، دعوة للمؤمنين أن يتقوا الله ويحستوا القول والعمل ، وأن يحرصوا على الصبر، فالصبر هو مفتاح الأجر العظيم.
الله يرغب عباده في اليصبر على طاعته، وان يحتسبوا الأجر عنده، فإن جزاءهم غير محدود، بل يُوفى أجورهم بغير حساب ، فان الصبر والإحسان مفاتيح الفوز في الدنيا والآخرة
وفي ختام الآية، يُؤكد الله أن الفائزين الحقيقيين هم الصابرون، الذين يثبتون على الحق، ويحتسبون الأجر عند الله، فهو الذي يجزيهم على صبرهم وإحسانهم، ويعطيهم الثواب العظيم في الدنيا والآخرة.
هذه الآيات العظيمة من سورة الزمر، تذكرنا بأهمية عبادة الليل، وضرورة العلم والعمل، والصبر والإحسان، كوسائل للفوز برضا الله والجنة. فلنحرص على أن نكون من أولي الألباب، الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتدبرون آيات الله، ويعملون بما يرضيه، لنفوز في الدنيا والآخرة.
هذه الآيات العظيمة تبرز دلالاتها الروحية والاجتماعية العميقة لتلامس قلوب المؤمنين.


