القائد محمد علي الحوشبي.. أنموذج العطاء والتضحية

القائد محمد علي الحوشبي.. أنموذج العطاء والتضحية

(أبين الآن) تقرير | خاص

تصبح الكتابة بالغة المشقة والتعقيد، حين تحاول مفردات اللغة المحدودة، توصيف أعلى مقامات العظمة، وأرقى نماذج العطاء، في سياقها الوجودي الإنساني، وفي أبعادها القيمية والأخلاقية والروحية، وهو ما نلمسه عند مقاربة مقام القادة العظماء، حيث تقف الأقلام عاجزة، والقرائح متبلدة، وتعلن اللغات إفلاسها، والبلاغات بؤسها، أمام عظمة الحضور الشامخ، وفيض العطاء الباذخ، الذي لا يبلغه قول، ولايحيطه وصف، ولا يرقى إليه بيان، ولا تعدو الكتابة عنهم، كونها محاولات متعثرة على طريق البوح، ولعل تلك هي أولى كرامات هذه الطينة من الرجال الأفذاذ.

وقائد قوات الحزام الأمني، والأمن العام والشرطة في المسيمير محافظة لحج القائد محمد علي الحوشبي حفظه الله ورعاه واحدا من أولئك الجهابذة الكبار الذين تحولوا إلى أيقونات خالدة، تأسر من حولها بعظمة حضورها وعطائها، وتغمر الزمان والمكان بقداسة نهجها، وإذا كانت هذه بعض مبررات مشقة الكتابة في هذا المجال، التي طالما عانيت وطأتها، عند مقاربة مقام العظماء، وهي اليوم قد أصبحت أكثر وطأة، في مقام هذا القائد العظيم، قد سبق وان تحدثت عنه في مقالات سابقة وبإيجاز لايفيه حقه.

لقد اصبح هذا القائد يمثل اليوم مسيرة النصر في جميع مراحلها وتحولاتها، ومسار النهضة والريادة الحضارية، وأرقى تجليات القيم الإنسانية والأخلاقية، وأبهى مقامات الارتقاء الروحي والإيماني، وأصدق روايات التضحية في تاريخ البشرية، وأعظم مصاديق الهوية، والنموذج الأروع والأنصع في موضع الاقتداء لقادة كل الشعوب، لقد أثبتت الأحداث والوقائع بإنه قائدا استثنائيا ذو حكمة وثقافة ووعي وبصيرة ربانية، كان ولايزال له الدور الملفت والرصيد الكامل في كبح جماح أعداء الوطن وكسر توغلاتهم والتصدي لهم في كل المواقع.

وتعاقب الزمان، واحتدمت المؤامرات، لكن ابن علي ظلّ صلبًا، لا يحيد حين تنحرف الأهداف، ولا يتراجع حين تشتدّ الرياح، ظل ولايزال يشقّ طريقه نحو الأفق، يقود جبهات المواجهة مع العدو الحوثي بشجاعة، ويخطّ الاستراتيجية بروح رجل الدولة، كان ولايزال مثالًا للقائد الذي يجمع بين الحزم والتفاني، وبين الرؤية الاستراتيجية والعمل الميداني الشاق.

لقد أعاد القائد محمد علي الحوشبي، تعريف معنى البطولة، ليس فقط في ساحات القتال، بل في كل زاويةٍ من زوايا الحياة التي تطالب بالعدل والأمن والأمان والسلام، قائد ملهم يملك الإرادة والوفاء، ويزرع الأمل في قلوب الجميع، مهما كانت التحديات، ستبقى سيرته منارةً لكل من يسعى للحفاظ على كرامته وحريته، ودعوةً لكل الأجيال لأن تستلهم من قوته، وتجعل من الوطن قصة نجاحٍ تليق بتضحيات الأبطال.

وفي مسيرة نضال شعب الجنوب ومواجهته لمليشيات الحوثي، تُخط أسماء بقلم الفخر والعزة، أسماء تبقى شموعاً تنير درب الثورة والتحرير، واسم القائد محمد علي الحوشبي واحدا من هذه الأسماء التي ارتسمت في ذاكرة الشعب الجنوبي، وتردد صداها في وجدان الأمة، فهو من أشعل فتيل المقاومة وأذكى جذوة الصمود في بلاد الحواشب العام 2005م.

ولم يكن أبو الخطاب، حينها مجرد قائد عسكري عابر، بل كان ولايزال رمزاً من رموز الصمود الجنوبي، وأسطورة من أساطير القوة والإيمان بالحق في مواجهة قوى الغطرسة والباطل، وكان ولايزال قائداً ميدانياً شجاعاً، يقود المواجهة ضد العدو، ويشارك رجاله في الخندق الواحد عسكريا وأمنيا، يحمل هموم وطنه وقضيته، ويؤمن بأن النصر حليف من يستعين بالله ويصبر على البلاء.

وتربى هذا القائد الفذ في أحضان أرض تشرب من معينها قيم العزة والكبرياء، وعايش معاناة شعبه فقرر أن يخصص حياته للذود عن تراب الوطن وكرامة العباد ودفاعًا عن قضية وطنه العادلة، وأنبرى في الصفوف الأولى، مؤمناً بأن الحقوق تُسترد بالدم لا بالتنازل، وأن الكرامة تُصان بالسلاح لا بالاستجداء.

كما أشتهر القائد محمد علي الحوشبي، بحنكته العسكرية، وشجاعته النادرة، وتفانيه في الدفاع عن وطنه الجنوب، وكان ولايزال له الدور البارز في معارك التحرير، حيث يعد من القلائل الذين يجمعون بين البسالة في القتال، والحكمة في التخطيط، لإدراكه أن المعركة مع الأعداء تستوجب الإرادة والعزيمة والاصرار والإيمان المطلق بعدالة القضية والحق في الحرية.

وهذا القائد الفذ وأمثاله، أرتقوا بافعالهم إلى المقامات الرفيعة والمكانة العالية التي تجعلهم أغنى الناس عن مدح المادحين وثناء الواصفين، وهم أعرف من أن يعرف بهم، وأشهر من أن يشار إليهم، والكتابة عنهم والإشادة بهم ليس إلا من قبيل ربطنا بهم، وإحياء أرواحنا بجليل ذكراهم، وتطهير نفوسنا بقداسة حضورهم، وتوثيق اتصالنا معهم، في سياق الاقتداء والتأسي، وتأكيد وتجديد العهد لهم بالسير على نهجهم والتمسك بمبادئهم.

والقائد أبو الخطاب، ليس قائدا عسكريا فحسب، بل صانعاً للمجد ومجترحا للمآثر الخالدة وملهماً للمناضلين، لم نره يوما يغادر ميادين العز والشرف بل ظل ولايزال متنقلاً بين جبهات الدفاع عن الوطن بقلب ثابت وإيمان راسخ ولم يعرف عنه التخاذل أو التخلي عن رفاق دربه، فهو من يزرع الرعب في قلوب الأعداء، فقد نشأ على مبادئ التضحية والفداء، وبرز اسمه كشخصية قوية لما امتلكه من خبرة نوعية وتأهيل عالٍ ليمثل بذلك كابوسا مرعبا للعدو أينما كان، فبمجرد ذكر اسمه يخيم الوجل في أوساط من يخافه وتعم السكينة والطمأنينة في قلوب محبيه لأنه صادقاً مع الله ومضحيا في سبيل الله.

وسطر القائد أبو الخطاب، طيلة حياته النضالية الحافلة بالبذل والعطاء، ملاحم بطولية في التنكيل بالأعداء، مجسدا ثبات الموقف وحكمة القيادة، فهو من القلائل الذين تمتلئ سجلاتهم بالتضحيات والدروس والعبر التي دونت عظمة وجودهم على هذه المعمورة، ففي اللحظة التي انشق فيها أديم الليل، وتصدع ركن السلام، انبثق من رحم الأرض مثل هؤلاء الرجال، ممن باعوا زهرة العمر لله، ونقشوا بجليل تضحياتهم سفر مجد ضارب في القدم حماية للوطن، مناقبهم الماجدة، وبطولاتهم الخالدة ستظل تزاحم هامات الجبال الشاهقة، أجل من ان تحاصرهم حروف عابرة، واعظم من أن يخط ما اجترحوه التاريخ على صفحاته، فهم من أتم المقايضة العظمى مع الخالق، ومن أوفى بالعهد الرهيب بصلابة اليقين، فقد أرتقى هذا القائد المهلم وأمثاله إلى درجة الكرامة الأسمى.