إنصاف الرجلين هو انصاف للضمير والوفاء للتاريخ

في دروب الوطن الوعرة، حيث يختبر الرجال معدنهم الحقيقي، ويمتحن الله عزائم الأبطال، برز اسمان يسطعان كنجمتين في ليلٍ طويلٍ أثقلته الجراح  القائد الفذّ العميد الركن مساعد قاسم طالب قائد لواء القوات الخاصة لمكافحة الإرهاب ((اللواء الذي مازال حبرا على ورق الذي لم يرى النور حتى الآن)) والمناضل النبيل العميد ركن الدكتور عبده المعطري رئيس مجلس التنسيق الاعلى المسرّحين قسرًا العسكريين والمدنيين ..
اسمان شقا دروب الوطن بعرق الجهد وعطر الوفاء وحب الوطن الذي لا يزول. رجلان لم يصنعا مجدَهما من الكلام، بل من العرق، من وجع الميدان، من صبر الرجال الذين آمنوا بأن الوطن فكرة لا تموت .

لقد امضيا سنوات في صمت مرير وسط تشريد وملاحقات وسجون قوات الاحتلال بعد حرب 1994م لكنهما ظلا يحملان رسالة الرجال الذين يؤمنون بأن العدل والكرامة والحرية لا يشتريان ولا يهديان بل ينتزعان .
ذكاؤهما ادبهما كرمهما وشهامتهما لم يكن مجرد صفات بل أفعال وحياة مستمرة تترجم معنى الوطنية .. 

العميد ركن مساعد قاسم طالب  رجل الميدان، العارف بخفايا النار، الحامل لراية العزم في وجه الظلام. حين يشتد الخطر، كان أول من يتقدم، وآخر من ينسحب يزرع في جنوده معنى الرجولة، ويعلّمهم أن النصر يولد من رحم التضحية.

أما العميد الركن الدكتور عبده المعطري فهو صوت الذين أُسكتوا ظلمًا، وحامل همّ رفاق السلاح الذين ذاقوا مرّ الغياب القسري. رجل لا يكلّ ولا يملّ، يترجم وجعهم إلى عمل، وإخلاصهم إلى مشروع حياة.

يجتمعان في العقل الراجح، في الأدب الجمّ، في الكرم النبيل، وفي تلك الكارزما القيادية التي لا تُصطنع، بل تولد مع أصحاب الرسالة. يجتمعان في صفاء السريرة، وفي إيمانٍ عميقٍ بأن الوطن لا يُبنى بالشعارات، بل بالعرق، والموقف، والوفاء، حملوا الأمانة يوم تنصل منها الكثيرون.

آن الأوان للوفاء لهما، آن الأوان لأن يُعترف لهما بمكانتهما، لا لمجرد منصبٍ أو لقب، بل لأن التاريخ لا ينسى من حملوا الوطن في قلبهم قبل أي شيء آخر.

إنصافهما ليس ترفًا، بل واجب أخلاقي وإنساني. إنصافهما رسالة لكل من يعتقد أن الجهد الصامت والوفاء الخالص يُمكن أن يُطوى بالنسيان. هذان الرجلان القائدان ، وهما رمزان للكرامة والصلابة، يستحقان أن يُرفع اسمهما في كل محفل، وأن تُقرّ إنجازاتهما، ليس بوصفها أرقامًا أو مناصب، بل بوصفها قيمًا وعظمةً تجسدت في حياة إنسانية.

اليوم، ومع كل ما مضى من سنوات الإقصاء، حان الوقت لتستعيد العدالة مجراها، ولتُحجز لهما مكانة تليق بتاريخهما، فالوطن الذي ينسى أبطاله لا يستحق الحياة.

 إنصاف الرجلين، هو إنصاف للضمير، والوفاء للتاريخ 

سلامٌ على رجالٍ كهؤلاء...
سلامٌ على من جعلوا من الألم مدرسة، ومن الصبر طريقًا نحو النور.
سلامٌ على من علّمونا أن البطولة ليست في أن تنتصر فقط، بل أن تبقى وفيًّا لما آمنت به، مهما تغيّر الزمان.