تهريب "اليوريا الإيرانية" يفتح ملف الاقتصاد الخفي في الموانئ اليمنية
(أبين الآن) متابعات
في واحدة من أكثر القضايا غموضًا وحساسية على الصعيدين الأمني والاقتصادي، كشفت مصادر ملاحية وأمنية متطابقة عن احتجاز ثلاث زعائم بحرية في ميناء عدن كانت تحمل شحنة من مادة اليوريا القادمة من ميناء بندر عباس الإيراني، وهي مادة تُستخدم عادةً في الزراعة، لكنها تُعد أيضًا من المكونات الرئيسية في صناعة المتفجرات والصواريخ قصيرة المدى.
وبحسب المصادر، فإن الزعائم التي يقودها بحارة من الجنسية الهندية كانت تستهدف الوصول إلى ميناء الحديدة، قبل أن تحاول الالتفاف عبر سواحل شقرة في محافظة أبين لنقل الحمولة برًّا إلى المحافظات الشمالية، في خطوة وصفها مسؤول أمني بأنها “محاولة منظمة لتجاوز الرقابة الجمركية والأمنية تحت غطاء النشاط التجاري”.
وتمكنت الأجهزة الأمنية في أبين من إحباط العملية واحتجاز الزعائم قبل قطرها إلى ميناء عدن، حيث تخضع الآن للتحقيق بإشراف النيابة العامة ونيابة الجمارك.
“اليوريا”: سلعة زراعية أم وقود لصناعات عسكرية؟
تُعد مادة اليوريا من السلع الاستراتيجية الحساسة، إذ تُستخدم كسماد عالي النيتروجين في الزراعة، لكنها أيضًا تدخل في تصنيع نترات الأمونيوم والمتفجرات، ما جعل استيرادها إلى اليمن خاضعًا لتصاريح أمنية مشددة منذ عام 2015.
ويحذر اقتصاديون من أن تهريب هذه المواد تحت غطاء التجارة الزراعية قد يشكل واجهة لتمويل شبكات تسليح غير مشروعة، في ظل غياب نظام رقابة موحّد على الموانئ البحرية الصغيرة والساحلية.
الاقتصاد الموازي وتحدي الرقابة
تشير بيانات غير رسمية إلى أن بعض المنافذ البحرية الثانوية تحوّلت إلى بوابات غير معلنة لاقتصاد موازٍ يدرّ أرباحًا ضخمة خارج الإطار القانوني للدولة.
ويؤكد خبير اقتصادي في عدن أن “تهريب مواد ثنائية الاستخدام مثل اليوريا يربط بين شبكات اقتصادية وتجارية وأمنية تعمل في الظل، مستفيدة من ضعف التنسيق المؤسسي وتعدد مراكز القرار”.
تحقيقات بصمت رسمي
ورغم إحالة الملف إلى جهاز مكافحة الإرهاب، فإن الجهات المعنية التزمت الصمت حتى الآن، ما أثار تساؤلات حول مدى عمق الشبكات التي تقف خلف العملية، خصوصًا وأن الشحنة قادمة من إيران، الدولة الخاضعة لعقوبات دولية تتعلق بتصدير المواد الكيميائية ذات الاستخدام العسكري.
ويرى مراقبون أن القضية قد تشكل مؤشرًا على تصاعد الأنشطة غير المشروعة في الموانئ اليمنية، وهو ما يهدد مستقبل أمن خطوط الملاحة في البحر العربي وخليج عدن، فضلًا عن انعكاساتها السلبية على سمعة الموانئ اليمنية أمام شركات الشحن والتأمين العالمية.


