النوم

بقلم: حسين السليماني الحنشي

بعد أن استيقظت من نومي، خرجت إلى الشارع القريب من منزلي، وكان أثر النوم لا يزال واضحًا على وجهي. حتى من حولي كان يبدو عليهم آثار النوم. كنت أتحرك بصعوبة، وفي طريقي صادفت صديقي، فسألته: لماذا لا تصرخ في الشارع اليوم كعادتك، حتى نستيقظ؟ 
أجابني صديقي: لقد أبلغ أهل الحارة الحاكم عني، وأنا الآن مشغول بالتفكير في الضمانات التي أخذتها بعدم رفع صوتي مرة أخرى في الشارع. 
سألته: هل هذا صحيح؟ 
قال: أنا الآن أحدثك وأنا خارج من السجن بضمانة بعدم تكرار ما كنت أفعله. 
استفسرت: وما هي الجريمة التي ارتكبتها حتى يأخذوا عليك هذه الضمانات؟ 
أجابني: هناك الكثير من أمثالي في السجن من حارات أخرى. 
قلت له: ألم يكن الحاكم عندما زارنا يخطب فينا بضرورة التعامل بشفافية، وأنت لم تحرضنا على فعل شيء غير قانوني، بل كنت تشجعنا على المطالبة بحقوقنا كما ذكر في خطاباته، وأنه يجب ألا نسكت عنها؟ 
رد صديقي: هذا كلام خطابي، لكن الواقع مختلف... ألا تعلم بصديقنا (...) الذي كان صوته مسموعًا حتى في الحارات الأخرى وكان له تأثير؟ أين هو الآن؟ ألم يختفِ ولم نجد له أثرًا منذ سنوات؟ 
قلت له: لقد تعلمت من الآخرين... الآن فهمت القصة، وأدركت أن كل من يوقظ الناس من سباتهم عبر التاريخ، هناك من يريد إسكاته، وإذا تطلب الأمر قطع رأسه، فإنهم سيفعلون، ولنا في ذلك قصص كثيرة. 
قال لي صديقي: انظر كيف ينظر إلي الناس وهم يتصفحون الجرائد، بالتأكيد تم نشر صورتي... 
قال لي: حاول أن تنظر إلى ما كتب عني في الجرائد، أنا خائف! 
أخذت إحدى الصحف، ورأيت صورة صديقي في الصفحة الرئيسية، تحت عنوان: "تم الإفراج عن خلية متهمة بالعمالة لصالح العدو ضد بلادنا، وكانت إحدى الخلايا النشطة في التخابر مع منظمات إرهابية..." 
أخبرت صديقي بذلك. 
قال: أكمل القراءة وسوف تعرف. 
فأكملت القراءة، ووجدت أنه تم العفو عنه من قبل الحاكم بضمانات... 
هنا أدركت لماذا يكتب معظم الناس ويهللون ويخطبون ضد البذخ... حتى جعلوا أغلبنا يفكر في ملء بطونه، ولا نفكر في من يوقظ الناس ويحيي فيهم الضمير والشجاعة، نراهم يتساقطون كل يوم. 
فقلت لصديقي: هيّا لنذهب إلى النوم، فلا يزال النوم واضحًا، والجميع من حولنا نيام، دعنا نحفظ أجسادنا بالنوم على الفرش...