الإصلاحات الاقتصادية في اليمن... آخر خيط الأمل لإنقاذ الدولة

يمرّ الشعب اليمني العظيم، خصوصًا في المناطق المحررة، بمرحلة هي الأصعب في تاريخه الحديث، حيث طحنت سنوات الحرب المتواصلة أبناءه في مختلف مجالات الحياة. فمن تأخير الرواتب وقطعها، إلى انهيار الخدمات الأساسية في الكهرباء والمياه والصحة والتعليم والاتصالات، أصبح المواطن يواجه معاناة مركّبة عمّقتها حالة غياب الدولة وتناحر القوى السياسية والعسكرية التي تتقاسم النفوذ منذ ما يقارب عقدًا من الزمن.
ورغم قسوة الواقع، تلوح في الأفق فرصة تاريخية قد تشكّل طوق نجاة لليمنيين، تتمثل في الإصلاحات الاقتصادية والإدارية التي يقودها رئيس الحكومة الدكتور سالم بن بريك، ومدير البنك المركزي الأستاذ أحمد غالب المعبقي، بدعم مباشر من مجلس القيادة الرئاسي، وإسناد إقليمي ودولي واضح. هذه الإصلاحات تمثل — في نظر كثير من المراقبين — آخر خيط أمل يمكن لليمنيين التمسك به للقفز فوق جراحهم المثخنة، واستعادة ما تبقّى من مؤسسات الدولة وهيبتها.

غير أن طريق الإصلاح ليس مفروشًا بالورود، فالمشهد معقّد ومتداخل، في ظل وجود قوى نافذة تمسك بزمام الأمور في مواقع سياسية وعسكرية، ترتبط مصالحها بقوى خارجية، ما يجعل مهمة الحكومة أشبه بسيرٍ فوق حقل ألغام سياسي واقتصادي.
إن نجاح الحكومة في هذه المرحلة الحساسة يعتمد على مساندة الرباعية الدولية المشرفة على الملف اليمني، وعلى استمرار دعم البنك الدولي والشركاء الدوليين، لضمان استقرار الاقتصاد وتحسين الخدمات العامة وحماية الموارد الوطنية من الهدر والعبث.

كما أن المسؤولية لا تقع على الحكومة وحدها، بل تمتد إلى السلطات المحلية في المحافظات ذات الثقل المالي الكبير مثل عدن وحضرموت والمهرة وشبوة، التي يُفترض بها توريد الإيرادات إلى البنك المركزي التزامًا بتوجيهات الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي. فالتقاعس عن ذلك يُعد خروجًا عن الإجماع الوطني وطعنة لتطلعات الشعب في تحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية.
ولا بد أن يلعب المواطن اليمني دوره الواعي في مراقبة الأداء الحكومي والإبلاغ عن الفساد المالي والإداري، لأن مواجهة الفساد ليست مسؤولية النخبة فقط، بل واجب وطني جماعي لحماية ما تبقى من مقدرات الوطن.

وفي المحصلة، يمكن القول إن اليمن يقف اليوم أمام محطة اختبار حقيقية، اختبار سيحدد ما إذا كانت البلاد قادرة على النهوض من تحت الركام، أم ستظل رهينة الصراع والفوضى. ومع كل التحديات، يظل الأمل قائماً بأن ينجح رئيس الحكومة سالم بن بريك وفريقه في قيادة هذه المرحلة الصعبة نحو برّ الأمان، وإعادة الثقة في قدرة الدولة على النهوض مجددًا.