أبو زرعة المحرمي.. بين صمتِ القادة وصدى الإنجاز

في زمنٍ يزدحم فيه المشهد السياسي والعسكري بالكثير من الشعارات وقليل من الفعل، يبرز نموذج استثنائي يصعب تجاهله: القائد عبدالرحمن أبو زرعة المحرمي، عضو مجلس القيادة الرئاسي وقائد ألوية العمالقة.

ليس من باب المبالغة القول إن الرجل “بحجم دولة”، فحجم الأثر هو الذي يَصنع قيمة الرجال، وأثر المحرمي واضح في كل محطة مرّ بها الوطن خلال سنوات الحرب وما بعدها.

قائدٌ حضوره عمل… وصوته إنجاز
ما يميّز أبو زرعة عن غيره ليس كثرة الكلام بل ندرة حضوره الإعلامي مقابل كثافة ما ينجزه على الأرض.

يتقدم الصفوف بصمت، ويعمل بروح المقاتل الذي يعرف أن الأوطان لا تُبنى بالضوضاء، بل بالقرارات الشجاعة والقدرة على تحمل مسؤولية الناس وهمومهم.

عرفه رفاقه ومناصروه وجمهور واسع في الجنوب واليمن عموماً كقائد صلب في الميدان، ونزيه في السلطة، وإنسان قريب ممن احتاجوا إلى دعمه.

لا تكاد تجد ملفاً شائكاً لم يضع بصمته فيه: من إصلاحات إدارية واقتصادية، إلى مكافحة الفساد، إلى دعم الجرحى وأسر الشهداء، وصولاً إلى إعادة تفعيل القضاء بعد سنوات من الجمود، وتشغيل مشاريع الكهرباء والطرقات وغيرها من الخدمات الحيوية.

خصومةٌ تُعالج… وخصومٌ لا يُجاملهم

والحقيقة التي لا يمكن تجاهلها أن الحملات الإعلامية التي تستهدف المحرمي ليست سوى دليل إضافي على حجم تأثيره.
فكلما اقترب مسؤول من مصلحة الناس واصطدم بمصالح الفاسدين، تصاعدت ضده الحملات. وهذه ليست معادلة جديدة على الحياة السياسية في اليمن والمنطقة.

لكن الملفت أن هذه الحملات لم تغيّر في نمط عمل الرجل شيئاً؛ فهو يمضي قدماً، لا يلتفت كثيراً للضجيج، ولا يسمح للتشويه بأن يعرقل ما يعتبره «واجباً وطنياً».

من رصد إلى عدن… مسيرةٌ صنعت قائداً
وُلد أبو زرعة في رصد – أبين عام 1980، وانتقل صغيراً إلى عدن، وهناك تشكلت بدايات شخصيته. حفظ القرآن، وتتلمذ علمياً، قبل أن يجد نفسه في قلب مواجهة عسكرية مصيرية عام 2015، مواجهة أسست لأهم أدواره في الحياة العامة.

أسّس ألوية العمالقة الجنوبية، وكان لها دور محوري في كسر تمدد الحوثيين في أكثر من جبهة. ولاحقاً، انتقل بثقة نحو العمل السياسي والإداري كعضو في مجلس القيادة الرئاسي منذ 2022، مقدماً نموذجاً مختلفاً للقائد الذي يعرف متى يحمل السلاح… ومتى يحمل ملفاً إدارياً.

إصلاحاتٌ تُترجم إلى نتائج

من مكافحة فساد المؤسسات، إلى تخفيض أسعار تذاكر الطيران، إلى تحريك مشاريع الطاقة المتوقفة، إلى ضبط أوزان الشاحنات وحماية الطرقات، كلها خطوات لا تأتي إلا ممن يملك الإرادة، والرغبة في استعادة الدولة لا استهلاكها.

وفي عدن على وجه الخصوص، لمس المواطنون تغيّراً في نمط العمل: متابعات يومية، لجان تنفيذية، قرارات سريعة، وصوت واضح يقول: «لن تُترك العاصمة لمصالح الفاسدين».

هل ينتصر؟
السؤال الذي يتردد بين الناس اليوم:
هل سينتصر أبو زرعة المحرمي في معركته ضد الفساد وحالة الانهيار العام؟
الإجابة ليست سهلة، لكن المؤكد أن الرجل قد اختار الطريق الأصعب: طريق البناء بعد حرب، والإصلاح وسط شبكة معقدة من التعقيدات السياسية والاقتصادية.

ومهما يكن، فإن نموذج أبو زرعة – بقيمه وتواضعه وإصراره – ليس مجرد سيرة رجل، بل رسالة إلى بقية المسؤولين:
أن الوطن يحتاج رجالاً يعملون قبل أن يتكلموا، ويقدّمون قبل أن يطالبوا، ويضحّون قبل أن يحصدوا.

وفي زمنٍ يُعاقَب فيه الشرفاء ويُكافَأ فيه الفاسدون… يبقى وجود رجالٍ من طينة عبدالرحمن أبو زرعة المحرمي أملاً يرفض اليمنيون التفريط به.

ويبقى السؤال الأهم:
هل سيستمر هذا النموذج في فرض معادلة جديدة… أم أنّ معادلات الأمس ستقاومه؟

الأيام القادمة وحدها ستجيب.