رمز في الميدان التربوي والإنساني. محمد عوض مزنة كما لم تعرفوه من قبل
( أبين الآن) كتب: علي هادي الأصحري
اليوم نسلّط الضوء على قامة شامخة ورمز تربوي وإنساني من رموز قبائل آل بالليل رجل لا تكفيه الكلمات ولا تفيه الحروف مهما نسجناها من المدح والامتنان. إنه الأستاذ القدير محمد عوض مزنة ابن الأسرة المعروفة بالكرم والشهامة والأخلاق الرفيعة التي ورثها وعاش بها وأورثها لكل من عرفه وتعامل معه.
منذ بداياته تميز بالعطاء فقد التحق بسلك التعليم عام 1975 في مديرية لبعوس - يافع وهي منطقة تبعد عن قريته أكثر من يوم سفر بالسيارة. وهناك، لم يلبث أن لمع نجمه كأفضل معلم ليُكرّم سريعاً ويُرقّى إلى مدير مدرسة بعد عام فقط وهو دليل على تميّزه وسرعة تأثيره في الوسط التربوي.
لكنه لم يتوقف عند هذا الحد. انتقل بعدها إلى مديرية الوضيع حيث واصل مسيرته التعليمية بكل كفاءة محققاً سلسلة من *التكريمات والجوائز التي يصعب حصرها. مسيرته التربوية حافلة ومشرّفة بكل ما تحمله الكلمة من معنى ولم تكن مجرد وظيفة بل رسالة حملها بإخلاص ونزاهة.
وعند عودته إلى قريته طُرح اسمه ليتولى إدارة المدرسة لكنه في قمة تواضعه رفض المنصب احتراماً للمدير السابق الذي يعتبره أخاً وصديقاً. ورغم ذلك أصرت إدارة التربية والتعليم على توليه المهمة، تقديراً لكفاءته ومكانته فكان على قدر الثقة كعادته دوماً.
ولعل من المواقف التي تستحق أن تُروى وتُكتب بماء الذهب تكريم الأستاذ محمد عوض مزنة من قبل رئيس الإشراف التربوي (النقي) حيث كان المدير الوحيد الذي حصل على شنطة خاصة وملابس تكريمية لم يحصل عليها بقية المدراء. وقد أثار هذا الأمر استغراب أحد المدراء الحاضرين حينها فعبّر عن انزعاجه قائلاً للنقيب:
"تكرّم الصغار؟!
فرد عليه النقيب بكل حكمة ولهجة بدوية أصيلة قائلاً:
"يا وليد نحن نقيس الإنسان بعمله مش بسنه.
وهنا تتجلى قيمة الأستاذ محمد عوض مزنة الذي لم يُكرَّم لعمره أو منصبه بل لإخلاصه في العمل ونزاهته، وتميّزه في العطاء وهذا هو جوهر الوفاء لمن يستحق ودليل آخر على المكانة التي حظي بها في قلوب كل من عرفه.
لاحقاً دخل في سلك السلطة المحليةوضمن المرشحين الموثوقين ونال منصبه عن جدارة. لم تغيّره المناصب بل زادته تواضعاً واقتراباً من الناس وظل ذلك المعلم القدير الإنسان الخلوق والمرجع الاجتماعي الحكيم.
محمد عوض مزنة. وهل يخفى القمر؟
رجلٌ عرفه الجميع واحتضنه الحب من كل الاتجاهات. جمع بين سمو الأخلاق وحنكة القيادة ورقي التعامل. جلساته مدرسة وكلماته نبراس لمن أراد أن يتعلم معنى الوفاء والكرامة والولاء الصادق لوطنه وقبيلته.
كتبت هذه الكلمات وأنا أعلم أنني لن أوفيه حقه مهما كتبت لكنها محاولة متواضعة مني لتخليد جزء من سيرة رجلٍ علّم أجيالاً وربّى رجالاً وكان وما زال أحد أعمدة قبيلة الأصحري ومرجعاً يُحتذى به.
لك منا كل التحايا أبا عوض.
دمت رمزاً نفتخر به وسلاماً على رجلٍ لم يُجمع الناس على محبته عبثاً.


