الانتقال من التعلّم السلبي إلى التعلّم النشط وفق مخرجات التعلّم

لم يعد التعلّم المتمركز على المحتوى الدراسي أو على المعلم الجامعي وحده مواكبًا لمتطلبات التعليم العالي المعاصر، إذ يعد هذا النمط تعلّمًا سلبيًا يقتصر على ما يقدمه المعلم من أجزاء المنهج، ويهمل الدور الفاعل للطالب في العملية التعليمية، بينما تقوم الفلسفة التربوية الحديثة على جعل الطالب محور العملية التعليمية، بحيث يكون هو المبادر إلى التعلّم من خلال الممارسة والنشاط، ويقتصر دور المعلم على التوجيه والإرشاد والدعم، بما يسهم في اكتساب الطالب للمعارف والمهارات والقيم والاتجاهات.

وانطلاقًا من ذلك، برزت الحاجة إلى تبني التعلّم النشط القائم على مشاركة الطالب الفاعلة داخل قاعة الدرس، بدلًا من الاكتفاء بدوره كمتلقي سلبي للمعلومة، وقد أفرز هذا التوجه مفهوم التعلّم المتمركز على الطالب، المعروف أيضًا بـ التعلّم وفق مخرجات التعلّم، والذي يعد من أبرز التوجهات العالمية الحديثة في التعليم العالي، حيث تعتمد الجامعات المتقدمة مخرجات التعلّم مدخلًا أساسيًا لتصميم البرامج التعليمية وتطويرها.

ويعنى التعلم وفق مخرجات التعلم بتحديد الأداء المتوقع من الطالب بعد حصوله على الدرجة العلمية أو الشهادة، أي تحديد ما ينبغي أن يعرفه الطالب وما يكون قادرًا على أدائه بعد استكمال متطلبات التخرّج، كما توضح هذه المخرجات المعارف والمهارات والمواقف والاتجاهات والقيم التي يفترض أن يكتسبها الطالب خلال دراسته للتخصص الأكاديمي.

وتتكون مخرجات التعلّم من محورين رئيسيين:

المعرفة والفهم: ما ينبغي أن يعرفه الطالب ويفهمه.

المهارات: ما ينبغي أن يكون الطالب قادرًا على أدائه وتطبيقه، وتشمل:

المهارات الذهنية،

المهارات التخصصية أو المهنية،

المهارات العامة.

ويلاحظ أن التعلم السلبي يركز في الغالب على جانب المعرفة والفهم فقط، وهو ما لا يتجاوز في أحسن الأحوال 40% من العملية التعليمية، وذلك في حال كان المعلم متمكنًا من المادة العلمية، أما إذا كان مستوى التمكن متوسطًا، فقد تنخفض هذه النسبة إلى ما بين 20% و30%. وفي المقابل، يتم إهمال جانب المهارات بمختلف أنواعها، رغم أنها تشكل ما يقارب 60% من جوهر العملية التعليمية.

ومن هنا، تبرز أهمية مواكبة هذه التحولات التربوية الحديثة والانتقال الجاد إلى التعلم وفق مخرجات التعلم (التعلّم النشط)، بما يسهم في ربط مخرجات التعليم الجامعي بمتطلبات سوق العمل، ويعزز من فرص تحقيق الجودة والحصول على الاعتماد الأكاديمي، ويخرِج كفاءات قادرة على الفعل والإبداع والمنافسة.