على هامش الزيارة
كُتب عن ذلك المكان سرديات وقصص وروايات ، وانتشرت في أمره الحدوثات والحكايات ، ما جعلني أتشوّق لزيارته ، والتعرف عليه عن قرب ، ركبنا القطار الداخلي من محطة البحوث نحو السيدة زينب ، وصلنا إلى أبو الريش ، ومنها استقلينا دراجة نارية (تسمى تِك تُك) لنقلنا إلى جامع السيدة ، وقفنا قليلا أنا وصديقي حمزة أمام ذلك الجامع الشاهق المهيب ، ننظر إلى عظمة مأذنته التي تكاد تلامس السماء ، وروعة تصميمه ، وفنون بنائه ، وجمال تشكيله ، ماهي إلا لحظات من الزمن ، وإذا بأذان المغرب يصدح من أعالي تلك المأذنة الأسطوانية الشاهقة ، فيبدد ما تجمع حولنا من رذاذ البرودة ، وسُحب التلوث ، فضلا عن إسكاته لأصوات الباعة والمارة ومزامير المركبات...
ولجنا من باب السور الخارجي ، وضعنا أحذيتنا في مكان مخصص لها ، ثم خبونا نحو إحدى بوابات المسجد ؛ لأداء الصلاة ، بعد أن تجاوزت الباب ، تسمرت في مكاني أنظر إلى تلك الأعمدة الرخامية العظيمة الرائعة التي تتعاضد في سماء المسجد من الداخل بوساطة عقود وقناطر متشابكة متحاضنة يسند بعضها بعضا ، ويحتضن بعضها بعضا ، كأنها تقول للأمة متى تتعاضدون وتتآزرون وتتحابون كما هو حالنا نحن ؟؟؟ ألم تعلموا أن في الفرقة والتمزق الضعف والهزال والهوان؟؟؟ ولما استبطأ وقوفي وشرود ذهني صديقي حمزة ، همسني في أذني قائلا يكفي يا أخي لقد طال وقوفك ، واستلفت أنظار من حولك ، ابتسمت في وجهه ولم أتكلم لعله يفهم ما يجول بخاطري ، صلينا المغرب خلف إمام مقتدر لم يتأفف من الجهر بالبسملة.
عمدنا بعد ذلك إلى زيارة ضريح السيدة زينب ، ألقينا التحية عليها في جو من الاحترام والتقدير والوقار ، وبعد خروجنا من باب المسجد ثم من باب السور ، كان في انتظارنا بضعة أشخاص من المتسولين ، حينئذ قال حمزة : ما هذا ؟ قلت : لا غرابة في الأمر فنحن في بلد فقير ، وهذه المشاهد تكاد تكون متواجدة في كثير من أقطار أمتنا الفقيرة ...


