الباحث: شغف لا يكل ولا يمل

بقلم: حسن الكنزلي

في عالمٍ يتسارع فيه التقدم العلمي والتكنولوجي؛ يبرز دور الباحث كشمعة تضيء دروب المستقبل؛ فهو ذلك الفرد الذي لا يكتفي بمعرفة ما هو موجود؛ بل يسعى جاهداً لاكتشاف ما هو جديد، وكشف أسرار الكون، وحلّ معضلات الإنسانية. فالبحث عنده ليس مجرد مهنة؛ بل هو شغفٌ يحركه من الداخل، دافعٌ لا ينضب، وحبٌ للمعرفة لا يعرف حدوداً.

ومن أبرز سمات الباحث الحقيقي أنه لا يعتبر نفسه موظفاً يعمل مقابل أجر، بل هو شريك في عملية بناء المعرفة الإنسانية. فالبحث عنده ليس مجرد مهمة يؤديها لينال مقابلها مادياً؛ بل هو رسالة سامية يهدف من خلالها إلى خدمة البشرية؛ لذا، نراه يعمل بجد وإخلاص حتى في ظل الظروف الصعبة، ولا يتوقف عن البحث والإبداع؛ حتى لو لم يحصل على التقدير المادي الذي يستحقه.

وما يدفع الباحث إلى بذل كل هذا الجهد والتعب: ببساطة هو الحافز الذاتي والدافع الداخلي؛ فالباحث لا ينتظر أن يكلفه أحد ببحث معين؛ بل يبحث عن المشكلات التي تثير اهتمامه بنفسه، ويسعى جاهدا لإيجاد حلول لها. فهو يحركه حب المعرفة وحب الاستكشاف، ورغبة في فهم العالم من حوله بشكل أفضل.

إن حب المعرفة هو الوقود الذي يدفع الباحث إلى الأمام؛ فهو يجد متعة كبيرة في اكتشاف حقائق جديدة، وفي فهم الظواهر الطبيعية والاجتماعية. كما أن حل المشكلات يمثل تحديا كبيرا للباحث، وهو يشعر بإحساس بالرضا والسعادة عندما يتمكن من إيجاد حلول مبتكرة لمشكلة ما.

الباحث الحقيقي لا يقتصر نشاطه على مكان أو زمان معينين؛ بل هو باحث دائم الاستكشاف. فهو يقرأ باستمرار، ويحضر المؤتمرات والندوات، ويتواصل مع باحثين آخرين من مختلف أنحاء العالم. كما أنه لا يكتفي بالمعرفة النظرية؛ بل يسعى لتطبيقها عمليا من خلال إجراء التجارب والمشاريع البحثية.

وختاما؛ يمكن القول: إن الباحث هو شخصية فريدة من نوعها، يتميز بالشغف والإبداع والمثابرة. فهو ليس مجرد موظف؛ بل هو فنان يخلق المعرفة، وحكيم يرشد البشرية إلى مستقبل أفضل. ودورنا كمجتمع هو أن ندعم هؤلاء الباحثين ونوفر لهم البيئة المناسبة للإبداع والابتكار.

أسأل الله أن يرزق الجميع صفة وهمة الباحثين، ودمتم سالمين!