يوميات مواطن يمني بين جمر الحياة وغبار الحرب
في بلاد أنهكتها الحروب، لا تبدأ صباحات المواطن اليمني بالقهوة، بل تبدأ بالقلق. يفتح عينيه على أمل أن الكهرباء قد عادت، وأن صفيحة الماء وصلت، وأن أسعار الخبز لم تقفز مجددًا.
ينزل إلى السوق، فلا يرى إلا الغلاء، والوجوه المتجهمة، وأصوات تتشاجر على أبسط متطلبات الحياة. يمر على محطة الوقود فيجد طابورًا أطول من عمر الحرب، أو يغلق زجاج سيارته على صوت صراخ طفل يتوسل شراء قطعه خبز يسكت بها جوعه.
يبحث المواطن عن دواء لأمه، فلا يجده إلا في السوق السوداء، إن وُجد أصلًا، وبسعر يُعادل نصف راتبه، إن كان له راتب. يتلقى رسائل من مدرسة أولاده تطالبه بالمستحقات، فيتجاهلها بالقلب المنكسر، لأنه بالكاد يطعمهم.
أما في المساء، فلا ضوء في بيته سوى ضلام الالم، ولا صوت إلا للمولدات. يجلس أمام شاشه التواصل الاجتماعي – لا ليشاهد – بل ليهرب. لكن حتى الشاشات باتت تبث ألمًا.
هذا هو اليمني… يقاوم القهر بالسكوت، ويبتسم في وجه الموت، ويتمسك بالحياة رغم أن كل شيء من حوله يدفعه للسقوط.
فمن يسمعه؟
ومن يعيد لهذا الإنسان كرامته المهدورة بين جدران السياسة، ومخالب المليشيات، وصمت العالم؟
إنه ليس مجرد مواطن إنه معجزة تقاوم في صمت.


