حين يختل الميزان ..!
نصر الجنوب..نهاية مظلومية وحدة الغدر..!
يتجدد اليوم ذات الزخم الشعبي والحماس الجماهيري الذي سبق إعلان وحدة عام 1990م، بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، والجمهورية العربية اليمنية، يومها خرج أبناء الجنوب مبتهجين، مؤمنين بمشروع الوحدة كحلم وطني جامع، ومندفعين نحوه بصدق النوايا وحسن الظن.
واليوم، يخرج الجنوبيون بالزخم نفسه، وبالوعي ذاته، لكن الهدف اختلف، إذ باتت الجماهير تطالب بفك الارتباط عن وحدةٍ تم الغدر بها، والتنكر لمضامينها، وتحويلها من شراكة وطنية إلى أداة إقصاء ونهب وتهميش.
لقد أثبتت التجربة أن تلك الوحدة لم تكن عقداً متكافئاً، بل مظلومية ممتدة، دفع الجنوب ثمنها أرضاً وإنساناً وسيادة.
ومن هنا، فإن التحدي اليوم لم يعد في تشخيص المشكلة، بل في امتلاك الإرادة السياسية القادرة على فرض معادلات جديدة تترجم تطلعات الشعب إلى واقع ملموس، ويقع على عاتق المجلس الانتقالي الجنوبي مسؤولية تاريخية تستوجب الانتقال من مرحلة إدارة الغضب الشعبي إلى مرحلة صناعة القرار الوطني. ويتطلب ذلك خطوات استراتيجية واضحة، في مقدمتها:
تعزيز الجبهات الجنوبية بكل حزم، وإعلان الحكم الذاتي كخيار سيادي، وتشكيل مجلس عسكري لتأمين الجنوب، إلى جانب إنشاء حكومة جنوبية مصغرة تضم مختلف القوى الوطنية. كما تبرز أهمية تأسيس مجلس اقتصادي أعلى لإدارة الموارد، وإنشاء صندوق سيادي لحمايتها من العبث، وتفعيل دور الجمعية الوطنية بوصفها سلطة تشريعية ورقابية، مع إعادة هيكلة الدائرة السياسية للمجلس ورفدها بكفاءات أكاديمية متخصصة في الشأن السياسي والاقتصادي والعسكري.
إن بسط السيطرة الكاملة على موارد عدن وتأمينها تدريجياً، وتحرير ما تبقى من أراضي الجنوب، يمثلان حجر الأساس لإعلان الدولة الجنوبية المنشودة، تلك الدولة التي لاحت راياتها في الأفق، وتعمد طريقها بدماء الشهداء، وبشائر نصر بات قريباً.
إن تنفيذ هذه الخطوات كفيل بتعزيز ثقة الشارع الجنوبي بقيادته، ودفع الجماهير إلى الالتفاف حول مشروع استعادة دولة الجنوب العربي، بما يحقق الأهداف الوطنية العليا. ومع ذلك، تظل أهمية إبقاء باب الحوار مفتوحاً، والاستماع لكافة الآراء، ورفض أي مشاريع تنتقص من إرادة الشعب أو تساوم على تضحيات شهدائه.
هكذا تصنع الانتصارات: بالفعل لا بالقول، وبالتحرك لا بالانتظار، وبالميدان لا بالبيانات. كفى صمتاً، كفى تردداً، كفى ارتهاناً للخارج. لقد آن أوان الحسم، فالأوطان لا تتحرر من خلف المايكروفونات.
وسيظل الجنوب حراً أبياً، وفياً لتضحيات شهدائه، عصياً على الانكسار...


