حين تسقط شماعة “المدعوم إماراتيًا”
من اليوم وصاعدًا، لا معنى لإعادة اجترار عبارة «المدعوم إماراتيًا» وكأنها تهمة، بينما هي – في حقيقتها – شرف لا ننكره ولا نخجل منه. فالدعم، حين يكون مشروعًا، واضحًا، ويقود إلى تمكين الشعوب من أرضها وسيادتها، يتحول من شبهة إلى وسام.
لقد قرأت القيادة الإماراتية المشهد بعمق، وتصرّفت بحكمة رجل دولة. الشيخ محمد بن زايد لم يراهن على الفوضى، ولا على مشاريع وهمية، بل قالها عمليًا لا خطابيًا:
هذا شعب جنوبي جبار، يستحق أن يُمكَّن، وأن يُوثق به، وأن يُسلَّم أرضه وسماؤه وإرادته. ومنذ تلك اللحظة، لم تعد الثقة كلامًا يُقال، بل واقعًا يُصنع.
اليوم، وبعد أن استعاد الجنوب زمام أمره، وبعد أن أصبح الجيش والأمن في أرضه، يصبح السؤال مشروعًا وبسيطًا في آن:
ماذا بعد؟
وماذا ستفعل المملكة العربية السعودية لكل من ظلّ يعلّق فشله على الآخرين؟
الجيش معكم، الطريق إلى صنعاء مفتوح، والخرائط لم تتغير. لكن انتبهوا جيدًا:
لا تنتظروا من الجنوبيين أن يحرروا لكم ما لم يستطيعوا أن تحرروه لأنفسكم. الجنوب لم يعد ساحة مستباحة، ولا مخزنًا بشريًا لحروب الآخرين، ولا ملزمًا بدفع فواتير فشل مزمن لا علاقة له به من قريب أو بعيد.
قضيتنا اليوم واضحة، وحدودنا أوضح.
نحن معنيون بأرضنا، بأمننا، وبناء دولتنا، لا بترميم مشاريع منهكة استنزفت كل فرصها. ومن يملك قراره، يملك معركته، أما من ينتظر الآخرين ليقاتلوا نيابة عنه، فلن يصل.
نحمد الله ليل نهار أننا اليوم على كامل أرضنا الجنوبية، من عدن حتى المهرة.
نحمده لأن الجنوب لم يعد سؤالًا معلقًا، ولا ورقة تفاوض، بل واقعًا سياسيًا وأمنيًا وجغرافيًا لا يقبل المزايدة.
أما لغة التخوين، ومحاولات التقليل، وشماعة “الدعم”، فقد سقطت.
سقطت لأن الواقع أقوى، ولأن الشعوب حين تُمنح الثقة، تعرف جيدًا كيف تحمي نفسها… وكيف تقول: هذا طريقنا، ولن نعود إلى الخلف.


