النفاق آفة العالم الاسلامي.. (وجهة نظر)
في العصرين الاموي والعباسي كانت الدولة الاسلامية مترامية الاطراف وتحكم نصف الكرة الارضية تقريباً.
وكانت التطورات العلمية والثراء العلمي وصلا الى درجات عالية جداً لدرجة وكأن العلماء احاطوا (تأليفاً) بجميع العلوم والمعارف.
وألف العلماء كتباً في مختلف العلوم والفنون العلمية والمعارف حتى انهم لم يجدوا فناً من الفنون العلمية لم يالفوا فيه فالفوا *علم الكلام* وكانت هيبة الدولة الاسلامي تهز الكرة الارضية كلها.. ومازال العالم كله ينهل من اساسيات العلوم الاسلامية الى اليوم.
وكل هذا الرقي العلمي والحضاري الذي جعل اوروبا تنهل من علوم المسلمين في الاندلس حين كانت اوروبا تعيش في ظلام الجهل في القرون الوسطى والعرب يعيشون في أوج تطورهم الثقافي والحضاري اقول كل هذا التطور حدث وامراء الاسلام حينها كانوا يسمعون الغيان ويقيمون الحفلات الراقصة ويسمحون بوجود حانات الخمور..
وما قصص ابو نواس في العصر العباسي عنا ببعيد وقوله شعراً:
رمضان ولا هاتها ياساقي.. مشتاقة تسعى الى مشتاق.
وقال:
دع المساجد للعباد تسكنها.. وطف بنا حول خماراً ليسقينا.
ماقال ربك ويل للذين سكروا.. بل قال ربك ويل للمصلينا.
ولم يجلد ولم يحبس بل اعتبر سلوكه سلوك شخصي خاص به واتبعوا في مواجهته قول الله تعالى (ماعليك من حسابهم من شئ) الانعام 52
( لست عليهم بمسيطر) الغاشية
( وما انت عليهم بوكيل).الشورى 6
وخاصة المعاصي المحدودة التي تقتصر على اصحابها في محيط مغلق وليست فاشية في المجتمع.
وكان المسلمون حينها لا يصنعون من صغار القضايا جبالاً من التهويل كما يصنع اليوم حدثاء الاسنان سفهاء الاحلام الذين يمجدون حكامهم وهم يحكمون بالقوانين الوضعية ويحاربون الاسلام والعاملين له بحق ، بل كانوا يعطون كل شئ وفق حجمه.
وكان الحكام يحافظون على شعائر الاسلام ويجاهدون في سبيل الله ويحكمون شرع الله وليس مثل حكام اليوم ، ويغيب النفاق الفاحش في عهدهم .. وهدا سر التطور والرقي في زمنهم .
لقد كان النفاق في عهدهم مستخبي في الصدور لانه يمثل وصمة عار على صاحبه حتى ان احد الامراء دعا الشعراء الى حفلة وقال شعراً غير موزون فسال احد الشعراء عن راية في القصيدة فلم يجامل الامير وقال هدا ليس بشعر .
فامر بسجنه في اصطبل الخيول شهراً وبعد خروجه من الاصطبل دعاه الامير مع الشعراء وتعمد ان يقول نفس القصيدة ويسال نفس الشاعر عن رايه فيها.. فهم الشاعر بالخروج فقال الامير : الى اين؟!
رد الشاعر الى الاصطبل.. اصراراً منه على عدم مجاملة الامير على حساب الشعر والادب.
ودارت الايام وتغيرت الاحوال وبدأت الأمراض الاجتماعية تنخر المجتمع المسلم من الداخل واخطرها النفاق واول خطوة من خطوات النفاق بدأها رجل من حاشية احد الامراء عندما رمى الامير عصفوراً على شجرة بسهم فاخطأه فقال المنافق:
( احسنت ايها الامير) فاستفرب الامير وساله كيف احسنت ولم اصب العصفور؟!
فرد المنافق قائلاً: لقد رحمت العصفور يا سيدي ولم ترد قتله.. فسٌر الامير بهذا التفسير الموغل في النفاق.
ومنذ ذلك الحين بدات مسيرة النفاق والمنافقين في الانتشار الافقي في المجتمعات الاسلامية.
وعندما ظهر النفاق وانتشر في العالم الاسلامي ..اخرج لنا ابواق التحريم والتبديع والتكفير والنائبون عن رب العزة في محاسبة الناس وعباد الحكام ( ولي الامر ) وصرنا الى ماصرنا اليه اليوم.
ونخلص الى نتيجة مفادها: ان المعاصي والمخالفات الشرعية المحدودة ليست أشر من النفاق ولاتؤثر على تطور الامة الاسلامية ورقيها ،مع اننا لانقرها ولانؤيد وجودها لكننا نعلم انها موجودة في كل مجتمع ووجدت عهد الرسول ص وماقصة الغامدية وماعز عنا ببعيد وكذلك قصة الصحابي مدمن الخمر ( ابو محجن) في جيش سعد بن ابي وقاص.
ولكن آفة الامة الاسلامية الماحقة هي النفاق وخاصة نفاق المشائخ ادعياء العلم الشرعي اصحاب لحى الضلال واتباعهم الناعقين في كل فج.
انهم بلاء الامة ومصدر تخلفها وفسادها وتدمير مستقبلها الدنيوي والاخروي وهذا مانحن فيه اليوم.
ثم ان هناك اشارات قرآنية جلية تمنع التساهل في اتهام الناس ومنها طلب ان ياتوا باربعة شهداء في الاتهام بالزنا والا فهم الكاذبون ومستحيل ان يات احد باربعة شهداء.
ذلك حتى لاتكون اعراض الناس مستباحة لمن اراد ان ينتهكها.
ثم ان السنة النبوية فعلت نفس الشئ وطلبت ان يرئ الشاهد الميل في المكحلة وهذا من رابع المستحيلات.
كذلك قول امير المؤمنين عمر ابن الخطاب للرجل الذي جاءه ليخبره انه وجد فلان من الناس يزني بفلانة في البستان فقال عمر ان صدقت جلدتك وان كذبت جلدتك.
فلما احتج الرجل قال عمر بما معناه لما لم تستر على اخيك المسلم.؟!
هذا يعني ان المعاصي موجودة في كل مجتمع وان غض الطرف عنها اولى طالما انها محجمة على اصحابها وليست شائعة.