وادي مريع.. أزمة متواصلة ونداء إلى الضمير الإنساني.
الحديث بالنسبة لي عن (وادي مريع) في مديرية المحفد أبين، هو حديث يملؤه الشغف، نعم شغف في داخلي لهذه المنطقة التى كان لي في الفترة الأخيرة أن أمر بها مرارا في رحلات عمل متكررة، في كل مرة كنت أزور فيها الوادي، كان للقلب ذكرى تتجدد وحنين لا يخبو. تلك الزيارات المتكررة حملت معها جمالًا خاصًا، حيث اقتربت أكثر من كوادره الذين جمعتني بهم ظروف العمل، لأرى بعينيّ أحواله وتفاصيله وتضاريسه، وأعيش بين جوانبه لحظات لا تُنسى. تلك التفاصيل التي سأحاول أن أوجز بعضا منها في سطوري التاليات، ناقلا المعاناة التي يعاني منها الوادي وسكانه.
يعتبر وادي مريع من المناطق التي تعاني من نقص حاد في أبسط مقومات الحياة، وعلى الرغم من خصوبة أراضيه التي تجعله مؤهلاً للزراعة، إلا أن سكانه يواجهون تحديات هائلة في الحصول على المياه الصالحة للشرب والطرق المؤدية إلى منازلهم.
من أبرز المشاكل التي يعاني منها سكان وادي مريع هو نقص المياه العذبة. الآبار الموجودة في الوادي تحتوي على مياه مالحة، مما يضطر الأهالي إلى جلب المياه الصالحة من مناطق بعيدة مثل المحفد. هذه الرحلة الشاقة تجعل الحصول على المياه مكلفًا وصعبًا، حيث تصل تكلفة ( البوزة) الماء إلى 50 ألف ريال، وهو مبلغ كبير بالنسبة لمعظم سكان الوادي. وفي ظل هذه الظروف، تعاني النساء من عبء إضافي، حيث يضطررن إلى نقل المياه على ظهور الحمير من مسافات بعيدة، مما يزيد من معاناتهن.
كما يعاني الوادي من عدم وجود طرق ملائمة، مما يجعل التنقل صعبًا ويعوق تطوير المنطقة. وقد شهدت هذه الطرق معاناة السكان بصورة مباشرة، مما يبرز الحاجة الملحة إلى تحسين البنية التحتية في المنطقة.
في مجال التعليم، يواجه الطلاب في وادي مربع صعوبات كبيرة. المدارس التي تخدم المنطقة تصل فقط إلى الصف السادس، وبعد ذلك يتوقف الطلاب عن الدراسة، مما يحد من فرصهم في الحصول على تعليم جيد. حال المدارس في الوادي يحتاج إلى تحسين عاجل لضمان استمرارية التعليم للأطفال.
إضافة إلى ذلك، يتميز وادي مريع بكونه مكانًا تاريخيًا مهمًا. ففيه يقع أول مسجد وأقدم رباط في المديرية، وهو مسجد الرباط الذي يقع بالقرب من المقبرة، وقد تعرض للقصف البريطاني أكثر من مرة خلال عام 1938م.
كما أن هناك العديد من المواقع التاريخية الأخرى التي تعكس عمق تاريخ المنطقة، وهي مواقع وجبت الضرورة على الاهتمام بها والحفاظ عليها.
لقد كانت هنالك مناشدات عديدة للجهات المعنية لتقديم الدعم اللازم لسكان وادي مريع، ولكن للأسف لم تتحقق الوعود. لذا، ومن هنا هذه دعوة إلى تقديم الدعم العاجل لتحسين ظروف حياة هؤلاء الناس، وإصلاح البنية التحتية، وشق طريق وتعبيده كي ترتبط هذه المنطقة بأخواتها من مناطق المحفد في سهولة ويسر، وتوفير المياه الصالحة للشرب، وتعزيز القطاع التعليمي. إن أي دعم أو اهتمام من الجهات الحكومية أو المنظمات الإنسانية سيكون له تأثير كبير في تحسين حياة سكان وادي مربع وضمان مستقبل أفضل لهم.