حوادث الموت غرقا .. وسبل الحد من تزايدها!!

بحسب تقارير دولية يعد موضوع الموت غرقا، من أكثر أسباب الوفاة بين الأطفال والبالغين، حيث يموت الآلاف سنويا بالغرق في بلدان راقية، إلا ان الأمر ذاته يختلف عندما يتعلق ببلداننا النامية، ومنها بلدنا الذي يعد في طليعتها، حيث يصبح أكثر فضاعة ومأساوية، إذ يموت المئات وربما الآلاف في بلادنا كل عام بفعل حوادث الغرق، دون إن تحرك هذه الكارثة ساكنا في ضمائر المجتمع، ولم تكترث مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني لتوثيق مثل هذه الحوادث، والبحث في أصل أسبابها، وسبل تلافيها والحد من وقوعها، كل ذلك دفعني للتطرق لهذا الموضوع من بعض الزوايا، بعد إن صار كابوسا يؤرق الحياة اليومية.

لقد أضحت مؤخرا حوادث الموت غرقا من أكثر الحوادث التي يشهدها مجتمعنا، وتتردد رواياتها البشعة على مسامعنا بشكل لا يتوقف، وتتكرر في أكثر من مكان، دون أن نخلص إلى وسيلة للتقليل منها، ولم نلحظ دورا فاعلا على المستوى الفردي أو الجمعي، للحد من نسب حدوثها، حيث ترجع في غالبيتها لعدم الاهتمام بإكساب الأولاد مهارة السباحة للتعاطي مع حالات التعرض للغرق، باعتبارها من الكفايات الأساسية للإنسان اللازم تعلمها وإتقانها.

يقول إمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في هذا السياق: (علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل)، وفي هذا القول دلالة بالغة على أهمية السباحة كسلاح يجب علئ الأولاد اكتسابه منذ سن مبكرة، فإلى جانب أهمية تعلم الرماية لما لها من فاعلية كسلاح استخدمه الإنسان في حروب ذلك الزمن، لمواجهة العدو وصد هجمات وإغارات المعتدين، وأهمية ركوب الخيل لمنازلة الأعداء، جاءت السباحة من ضمن تلك الوسائل الدفاعية اللازمة، دون إن تقل أهمية عنها، كما أنها أي السباحة لم تعد سلاحا تقليديا ولى زمانه، بل سلاحا يلازم الإنسان في مختلف محطاته وإلى قتنا الحاضر، إلا ان الكثير من الآباء والمربيين يجهلون الكثير عن هذا الأمر، ولا يأبهون لضرورة تعليم الأولاد السباحة لمواجهة المخاطر التي يتسببها وجود الماء في حياتهم، من خلال تواجد الأنهار والوديان والسيول والبرك.
إينما يوجد الإنسان أو يتحرك، يواجه مخاطر المياه، ويزداد الأمر أهمية في الأرياف التي تتساقط فيها مياه الأمطار، فتسيل الأودية وتتجمع المياه في المستنقعات والبرك، في القرى والأودية، وفي أماكن العمل ومراعي الماشية، فيكون الأطفال والفتيات أكثر شرائح المجتمع عرضة لمخاطر الغرق فيها.

يرجع السبب الرئيسي في تقديري لتزايد ظاهرة الغرق بين الأطفال والفتيان والفتيات، ومن ذلك الغرق الجماعي، إلى تدني التوعية المجتمعية بمخاطر الاقتراب من أماكن تجمع المياه، سيما من قبل الأطفال وغير القادرين على السباحة، وإيضا يقع ضمن الأسباب التي تقف خلف تلك المأساة عدم إدراك الوالدين لأهمية تعليم الأطفال السباحة، وقد أكدنا في أكثر من مرة على ضرورة تعليم الأولاد السباحة، وحتى الفتيات ينبغي تعليمهن السباحة إيضا، فهن أكثر ضحايا الغرق خصوصا في الأرياف، فعلى عاتقهن تقع مهام كثيرة، منها جلب الماء من الآبار والخزانات والبرك، وأعمالهن في مجال الري، ورعي الماشية والاحتطاب في أماكن تتواجد فيها المياه، الأمر الذي يعرضهن للغرق، لذلك نقترح على جميع الأباء الحرص على تعليم الأولاد السباحة منذ وقت مبكر، إذ يمكن عمل خزان صغير في المنزل وجلب المياه إليه وتدريب الأولاد على السباحة فيه، تحت سمع وبصر الوالدين، وتمكين الفتيات من السباحة إيضا، والتخلص من عقدة الازدراء تجاه الفتاة الناجمة عن المعتقدات القبلية البالية، التي تنظر للفتاة بامتهان ودونية، وتعمل على تكليفها من الأعمال اليومية الشاقة ما يفوق طاقتها وقدراتها.