قاعدة النجاح

بقلم: ناصر الوليدي

هناك قاعدة أساسية في النجاح: 

وهي أن: 

أي واحد من هؤلاء العظماء الذين تزخر بأخبارهم الكتب وتتفاخر بهم البشرية والذين تركوا في الدنيا بصمات خالدة كل واحد منهم *وجد إنسانا راشدا يضع قدمه في الطريق الصحيح.* 

إذا لم تجد من يضع قدمك في الطريق الذي يؤدي إلى النجاح فسوف تضيع سنوات كثيرة من عمرك وأنت تتخبط مثل الشاة العائرة، لا تدري ماذا تريد؟ ولا أين تتجه ؟ولا تدرك قدراتك ولا تعي أنك لا تعي.

فوجود شخص راشد في مسيرة حياتك يختصر عليك الزمن والمراحل، ويوفر الجهد والمال والعناء والتفكير،

ربما يكون هذا الشخص عابر سبيل لم تره غير مرة واحدة، ولكنه رمى لك بكلمة واحدة أضاءت لك الطريق، قد لا يتذكر هذا الشخص أنه قذف لك كلمة غيرت حياتك، وتركت في دنيا الناس أخبارا وأحوالا، ولكن القلب الواعي والعقل النبيه يلتقط الحكمة كما يختطف العصفور غذاءه في الهواء، فيجعل منها سراجا يرسم على ضوءه خارطة الطريق.

فهذا الإمام الشافعي كان يتنقل من قبيلة إلى قبيلة يتطلب الشعر وغريب اللغة وأخبار العرب، وكان ذكيا عبقريا، وفي طريق حياته ذاك لقي أبا مسلم الزنجي، وكان أبو مسلم رجلا راشدا مجربا خبيرا بالناس والحياة فقال له : 

يابني لو تشغل نفسك بعلم الكتاب والسنة فهو خير لك.

وقعت هذه الكلمة في إذن الشافعي وتسللت إلى قلبه فاستقرت فيه فغيرت بوصلة اتجاهه.

هذه الكلمة التي قذف بها أبو مسلم جعلت من الشافعي الإمام المجدد الذي ملأ ذكره الدنيا، والذي يتدين اليوم بمذهبه مئات الملايين من العرب والعجم.

بالكثير كان ممكن أن يكون الشافعي مثل الأصمعي وأبي عبيدة وخلف الأحمر والمفضل الظبي وحماد الراوية، وأظنك أخي القاريء لم تسمع ببعضهم.

إنها الكلمة الراشدة من الرجل الراشد حين تقع على القلب الواعي.

في حلقة من حلقات إسحاق بن راهوية يلقي إسحاق لطلابه كلمة عابرة يسمع مثلها الطلاب كل يوم، ولكنها هذه المرة وقعت في أذن البخاري كما وقعت في أذن غيره، رجع الطلاب إلى بيوتهم ولم يعبأوا بتلك الكلمة إلا أن هذه الكلمة سيطرت على كيان البخاري.

قال إسحاق لطلابه " لو أن أحدا يجرد الحديث الصحيح" 

أي يجمع كتابا ليس فيه إلا ما صح من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذه الكلمة العابرة هي التي صنعت للمسلمين *(صحيح البخاري)* أصح كتاب بعد القرآن الكريم والذي لا يخلو منه عصر ولا مصر، للبخاري كتب أخرى لا يكاد يعرفها الناس لعلها كانت قبل تلك الكلمة، وقائل تلك الكلمة العابرة لا تكاد تعرفه جماهير المسلمين. ولكن تلك الكلمة في موازين حسناته يوم القيامة.

إذا سمعت الكلمة الرشيدة فلا تجعلها تمر بجانب أذنيك، بل دعها تستقر في قلبك ليحلجها ويصنع منها ثيابا تكسو الزمان.

.