القانون الدولي وموقفه من القضية الجنوبية.. صمت العالم وتخاذل العدالة!
في خضم الأحداث العاصفة التي تعصف بالجنوب العربي، تقف القوى الدولية ومؤسسات القانون الدولي موقف المتفرج، وكأن القضية الجنوبية مجرد مشهد عابر في مسرحية عالمية بلا تأثير. أين صوت الحق؟ أين القانون الدولي الذي طالما تشدقت به الدول الكبرى وحملته راية لفرض سيطرتها على العالم؟ إن صمت المجتمع الدولي عن قضية الجنوب ليس مجرد إهمال، بل هو تواطؤ صارخ وانتهاك لمبادئ العدالة والحق!
القضية الجنوبية: تاريخ من الظلم والتهميش
تعود جذور القضية الجنوبية إلى عقود من الاضطهاد والتهميش، حيث تم فرض الوحدة بالقوة، وتحولت آمال الشعب الجنوبي في الاستقلال والكرامة إلى كابوس من القمع والإقصاء. الجنوب لم يكن يومًا تابعًا أو هامشيًا، بل كان وسيظل كيانًا مستقلًا بهويته، ثقافته، وتاريخه الذي لا يمكن طمسه. ولكن، على الرغم من كل هذا، نجد القانون الدولي يلتزم الصمت، وكأن الشعب الجنوبي لا يستحق أن يُسمع صوته!
القانون الدولي: ازدواجية المعايير وتخاذل العدالة
يتشدق العالم بقيم الحرية، العدالة، وحق الشعوب في تقرير مصيرها، لكن هذه القيم تصبح سرابًا عندما يتعلق الأمر بالجنوب. أين حق الجنوبيين في تقرير مصيرهم؟ أين دعم المجتمع الدولي لاستقلال الجنوب؟ لقد أصبحت مبادئ القانون الدولي مجرد كلمات جوفاء تستخدمها الدول الكبرى لتحقيق مصالحها، بينما تُترك الشعوب المستضعفة لتواجه مصيرها وحدها. ما يحدث اليوم في الجنوب هو وصمة عار في جبين الإنسانية، وكشف لزيف ادعاءات النظام الدولي بالحياد والعدل.
القوانين الدولية التي تنص على حق تقرير المصير واستعادة دولة الجنوب العربي
تعتبر حق الشعوب في تقرير مصيرها من المبادئ الراسخة في القانون الدولي، وقد تم ترسيخ هذا الحق في عدد من الوثائق والمعاهدات الدولية:
1.ميثاق الأمم المتحدة (1945): ينص في المادة 1(2) على "تطوير العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام مبدأ المساواة في الحقوق وتقرير المصير للشعوب". هذا يوضح بجلاء أن الأمم المتحدة تعترف بحق كل شعب في تقرير مصيره بنفسه.
2.العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966): يؤكد في المادة 1 على أن "لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها بنفسها"، بما في ذلك الحق في "تحديد وضعها السياسي بحرية".
3.قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 1514 (1960) - إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمَرة: يُعد هذا القرار أساسًا في دعم حق الشعوب المستعمَرة أو المضطهدة في الاستقلال، وقد نص على أن "جميع الشعوب لها الحق في تقرير مصيرها" وأنه يجب وضع حد للاستعمار بكافة أشكاله.
4.قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2625 (1970) - إعلان مبادئ القانون الدولي بشأن العلاقات الودية والتعاون بين الدول: يعزز هذا القرار حق تقرير المصير، ويؤكد أن الدول مُلزمة بدعم هذا الحق لجميع الشعوب، بما في ذلك الشعوب الخاضعة للاحتلال أو الوصاية.
5.اتفاقيات فيينا لقانون المعاهدات (1969): تنص المادة 62 على "التغير الجوهري في الظروف" كمبرر قانوني يسمح للدول بالانسحاب من المعاهدات أو تعديلها. هذا المبدأ يعطي الأساس القانوني للشعوب أو الدول المنضمة إلى اتحادات أو وحدات سياسية بالقوة لفك الارتباط واستعادة دولتها إذا أخل الطرف الآخر بالعهود والمواثيق المتفق عليها.
6.إعلان بشأن العلاقات الودية (1970): يتضمن نصوصًا تحظر استخدام القوة لفرض الوحدة على الشعوب، ويؤكد حق الشعوب في التحرر من السيطرة أو الاحتلال الأجنبي بأي وسيلة مشروعة.
أمثلة على حق الدول في فك الارتباط واستعادة دولتها بعد إخلال أحد الأطراف بالعهود والمواثيق
-حالة فك الارتباط بين سنغافورة وماليزيا (1965): بعد سنوات قليلة من الانضمام إلى الاتحاد الماليزي، وجدت سنغافورة نفسها مضطرة لفك الارتباط بسبب الخلافات السياسية والاقتصادية. واستعادت استقلالها لتصبح اليوم دولة مزدهرة.
-تفكك الاتحاد السوفيتي (1991): مع انهيار النظام الشيوعي، اختارت الجمهوريات السوفيتية السابقة، مثل أوكرانيا وليتوانيا، استعادة استقلالها بعد سنوات من الاتحاد القسري. ولم يعارض المجتمع الدولي حق هذه الدول في تقرير مصيرها وفك الارتباط.
-استقلال جنوب السودان (2011): بعد عقود من الصراع والاضطهاد، صوت شعب جنوب السودان في استفتاء تاريخي لصالح استعادة دولته وفك الارتباط عن السودان. ورغم التحديات، تم احترام قرارهم دوليًا.
مطالبنا العادلة: الحق في تقرير المصير
لن نسكت بعد اليوم! القضية الجنوبية ليست قضية هامشية أو محلية، بل هي قضية عادلة لشعب يُطالب بحقه في تقرير مصيره. نطالب المجتمع الدولي بأن يقف مع الحق، أن يدعم تطلعات الجنوبيين لاستعادة دولتهم، وأن يضع حدًا لسياسات الإهمال والتجاهل. لن نقبل بأن يكون الجنوب ضحية أخرى لنفاق المجتمع الدولي وازدواجية معاييره.
رسالتنا للعالم: الجنوب قادم
أقولها بأعلى صوت: الجنوب العربي قادم لا محالة! شاء من شاء وأبى من أبى. لن تثنينا مؤامراتكم، ولن يوقفنا صمتكم. نحن شعب يرفض الخضوع، شعب يرفض أن يكون مجرد رقم في لعبة القوى العالمية. نمتلك الحق، نمتلك القوة، ونمتلك الإرادة. رسالتنا واضحة: إما أن يقف العالم مع الحق، أو أن يتحمل تبعات صمته وتواطئه. نحن شعب مسالم، نؤمن بحسن الجوار، ونرفض الإرهاب بكافة أشكاله، لكننا لن نتنازل عن حقنا في استعادة دولتنا والعيش بكرامة وحرية.
الخاتمة: الثورة مستمرة حتى النصر
القضية الجنوبية ليست مجرد مسألة سياسية، بل هي معركة من أجل الكرامة، الحرية، والحق. لن نتوقف حتى نحقق استقلالنا، حتى نرى علم الجنوب يرفرف عاليًا فوق أرضنا. القانون الدولي، الذي يتغنى بالعدالة، يجب أن يدرك أنه لن يجد السلام والاستقرار إلا بدعمه للحق ووقوفه بجانب الشعوب المضطهدة. وإلى كل من يتآمر ضد الجنوب: انتظروا، فالثورة مستمرة حتى النصر!