في ذكرى مولده.. حقيقة الحب الصادق..!!
(وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ
وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ
الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ
لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ ).
حب الله ورسوله يجب ان يكون اكبر من محبتنا لاهلنا واولادنا وانفسنا والناس اجمعين ولايكتمل ايمان المرء حتى يكون الرسول ص احب اليه من نفسه.
وحقيقة الحب ان يكون المحبوب هو المسيطر على مشاعرك واحاسيسك لاترى سواه فالقلب المتعلق بالحب لايرى الا محبوبه.
وحكاية عمر ابن الخطاب مع رسول الله توضح حقيقة الحب فحين قال عمر لرسول الله ص: انك احب إلي من اهلي واولادي وكل شي الا من نفسي.. قال له الرسول ص لا يا عمر حتى اكون أحب اليك من نفسك..
وبعد ايام قال عمر للرسول ص: والله يارسول الله انك احب إلي من كل شئ حتى من نفسي فقال الرسول: الان ياعمر.. اي الان اكتمل ايمانك ياعمر.
ولما سئل عمر فيما بعد - وكأن ابنه عبدالله هو السائل - كيف أقررت بان حب رسول الله احب اليك من نفسك قال: تفكرت في يوم القيامة ووجدت ان الرسول هو الشفيع الوحيد حينها فأحببته اكثر من نفسي لانه شفيعي يوم القيامة.
وتجسد حب عمر للرسول جلياً واضحاً في موقف عمر يوم مات الرسول ص فحين ذاع الخبر ان الرسول قد مات لم يستوعب عمر الخبر ولم يصدقه من شدة حبه للرسول فامتشق سيفه وخرج على الناس شاهراً سيفه وهو يزمجر كالاسد بصوته الجهوري قائلاً: من قال ان الرسول قد مات ضربت عنقه..
لم يسيطر على نفسه وطاش صوابه من هول الفاجعة حتى انه نسي قول الله تعالى في موت الرسول فلم يجرؤ احد من الصحابة ان يجاهر بالخبر في وجه عمر خوفاً من بطشه بعد ان فقد صوابه..
فجاء ابوبكر الصديق والناس يتحاشون عمر رغم الحقيقة المرة ان الرسول قد مات فقال ابوبكر: من كان يعبد محمداً فان محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فان الله حي لايموت وتلى قوله تعالى:( انك ميت وانهم ميتون وانكم يوم القيامة تبعثون) وقوله (وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يظر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين) .
فلما سمع عمر قول ابوبكر سقط السيف من يده وجثا على ركبتيه وبكى بكاءً مراً وكانه لم يسمع بالايتين اللتان تؤكدان موت الرسول من قبل.. وهدا هو الحب الحقيقي وتلك هي حقيقة الحب( ان المحب لمن يحب مطيع).
(قل ان كنتم تحلون الله فاتبعوني، يحببكم الله).
ومن طريف ما يذكر عن حب قيس وليلى انه ذات يوم راى قيس كلب ليلى يركض باتجاه البرية فتبعه راكضاً خلفه ومـر على قوم يصلون الظهر في الصحراء فلما عاد استنكروا عليه عدم صلاته معهم رغم انه مـر بجانبهم فرد عليهم قائلاً : كنت مشقولاً بحب ليلى ولم اراكم لان قلبي كان معلقاً بها.. ولكن كيف لم تشقلكم الصلاة عن رؤيتي فانتم لاتحبون الله حقاً والا لما رأيتموني اصلاً وانتم بين يدي الله.
ربيع الاول 1445هـ الموافق سبتمبر 2024م