مغتربون في الوطن

بقلم: حسين السليماني الحنشي

يعتبر الاغتراب عن الوطن أغلاق باب للحياة الكريمة، حيث يسلب من المغترب الجنسية والعدل والمساواة أمام أفراد المجتمع الذي يعيش فيه، ويعامل تحت قوانين خصصت له وكأنه ليس بإنسان يتمتع كباقي أفراد المجتمع!
لكن حينما تجد هذا الصنف يتعامل بنفس هذه المعاملة، بل وأكثر قساوة وظلم وظلمة في حياته التي يعيشها في وطنه، فإذا قلنا إن المغترب لايرى الأبناء والزوجة ووو .
فكيف بمن يعيش معهم ولايستطيع تلبية جزء بسيط من متطلبات الحياة الدنيا لهم، بل ويراهم يموتون جوعاً ومرضا، وعلى الطرقات، بل وينهبون ما بيده قوات الأمن (قوات النهب المنظم) وهو يعيش في وطنه، فالكلمات عن الوطن والوطنية لم تعد كلمات راسخة في العقل وثابتة في الروح، ونشيد يتغنى به الكثير من أبناء الشعب، بل تحولت تلك الكلمات من مجرد، أناشيد وطنية الى أشباح مخيفة؛ لأن خلفها منظومات تخصصت في التنكيل بالمواطن في وطنه، فأصبح الوطن مجرد بقعة مخصصة للربح ...
ولم يصير الوطن في خاطر الشعوب إلى الحب والحنين لأوطانهم إذا ابتعدوا عنها أو كانوا يعيشون فيها ولا تجد لديهم الاستعداد للتضحية من أجلها...
وللأسف أصبح اليوم السباق عند الكثير كيفية الاستفادة من عائدات الضرائب والرسوم ... وأصبحت أيقونة الثورة التي كان يتغنى بها الشعب مجرد كلمات من الخيال، ولا تعبر عن الواقع، الذي يعيشه الشعب من ذل وهوان، بعدما باتت الحقيقة مكشوفة ممن خدعوا الشعوب بتلك الشعارات الزائفة؛ لأنها لم ترسم للشعب خطوات إلى الأمام كي يرتقي إلى العلا، وتخرجه من حالة الانكسار، والبؤس، والبطالة،  التي يتخبط فيها.
 أن المستقبل الموعود باتت رؤيته ضبابية، وأحلام الشعب لا تجد لها مكاناً، وجميع الأبواب أغلقت أمام أبناء الشعب، وكان بالإمكان أن يرون مستقبلهم ولكن أغلق في وجوههم كل شيء وتحولت أحلامهم  إلى جدار عازل، يحول دون وصولهم إلى مبتغاهم، ويترك أغلب الشعب في ظلمات دون نور يتخبطون مع ظروف الحياة في صراع دائم من أجل البقاء، وهذا كان سبباً في جعل العيش في الوطن غربة، لم يعد هناك أي سبب مقنع للتمسك بالوطن، فقد أفسده المسؤولون عنه ، فليس هناك بديل سوى انتظار الدور في الجوع أو الموت، فالموت في بلاد الغربة، هو هروباً إلى الحياة، فصار أفضل من الموت البطيء الذي يعيشونه في وطنهم، ولكن ما هو  أخطر منها على النفس هو شعورك بالغربة وأنت وسط أهلك وفي طنك، وتمكنت تلك الأوضاع في ألكثير من الناس حتى أجبر البعض في التحول إلى أقصى التطرف في كل شيء وبقي البعض يصارع من أجل أن يجد سبيلاً له ولعائلته للعيش بأي طريقة... بل تعيش أغلب العوائل الرعب من الجوع الذي تفشى في أوساط المجتمع. 
فهل انتهى باب الأمل وتبخرت الأحلام تحت وطأة الواقع، الذي صنعه الحكام الفسده لأوطانهم؟
ومتى يحين الوقت لرحيل الفسدة؟ وتنتهي هجرة الذات التي نعيشها في أوطاننا، ونتخلص من هذا الكابوس ونعيش الحياة كما ينبقي!!!.