سماسرة انهيار العملة!
في العالم كله عندما يريد البنك المركزي عمل مناقصة لبيع كمية من الدولار بسبب أن العملة المحلية نزلت قيمتها أمام الدولار لتعزيز عملته فيباع الدولار بسعر أقل من سعره المرتفع في السوق لتضبط الحكومة الصرف في السوق كما تريد، وتحارب الصرف عن طريق السوق السوداء ويشتغل رجال البحث الاكفاء النزيهون بكشف المتلاعبين بالصرف وتكافئ جنودها التي تضبط هؤلاء المتلاعبين بالعملة وتتخذ اجراءات عقابية شديدة عليهم، وليس شرطا ان تبيع العملة الصعبة عن طريق المناقصة التي قد يتقدم من خلالها البعض بعروض مماثلة لأسعار السوق وبالتالي يظل انهيار العملة كما هو.
ولكن في اليمن ما شهدناه منذ تعويم العملة هو أن الدولة فقدت كل ما لديها من العملات الصعبة ثم طبعت آلاف بل ملايين المليارات من العملة المحلية بدون غطاء حتى بلغ ما فقده المواطن من قيمة مدخراته وراتبه أو معاشه يساوي أكثر من 85% من قيمته قبل الحرب، ولأن اغلبهم يستلمون رواتبهم ومخصصاتهم بالعملة الصعبة إضافة إلى ما يستلمونه أو ينهبونه بالعملة اليمنية ليحولونه إلى عملة صعبة ولكن ليس بسعر السوق وإنما بسعر خاص في البنك المركزي ينقص حوالي 50% من قيمته في السوق.
ثم يذهبون ويشحتون الدول والمنظمات الدولية لإعطائهم منح او مساعدات، وعندما يحصلون على مبالغ يعلنون عن مناقصة لبيع العملة الصعبة ولكن ليس هدفهم تعزيز العملة المحلية والبيع بسعر أقل من سعر السوق، وإنما يعملون لهم سقفآ لبيعهم بأكثر من سعر السوق، بل ويسربون اخبارًا للتجار والصرافين أن من لا يتقدم عرضه بالسقف المحدد من قبلهم أو أزيد منه لن يرسى عليه العرض.
وبالرغم من أن المتقدمين هم أنفسهم كتجار يتضررون من ارتفاع سعر البيع المرتفع للعملة الصعبة بعكس ما يعتقد بعض الناس لأنهم يعلمون أن أسعار بيعهم لبضائعهم سترتفع على المواطنين الذين أصبحوا اغلبهم لا يملكون قوت يومهم وبالتالي تتكدس بضائعهم وتقل أرباحهم.
وبهذا تكون الدولة هي نفسها من تسعى لأنهيار عملتها لأن حكامها يعلمون أنهم محميون بمن جاء بهم.
ولأنهم في الأخير لكل منهم فترة محددة سيغادر بعدها وقد وفر له ما يكفيه ويكفي من حوله مدى الحياة له، ولهم ويمكن إلى يوم الدين.
ويعلمون اأيضًا أن الدستور والقوانين والسلطات المحاسبية والرقابية والتشريعية موقفة وبالتالي فلا مسائلة عليهم مثلهم مثل من سبقهم ومن سيلحقهم، بل إن هناك اشخاصًا من المستفيدين منهم جاهزين للتطبيل لهم وحمايتهم.