الحدعشري تجسيد فلسفة الهامش

محمد بن شاكر الحدعشري، أو الأدعشري، الشخصية التي نسجها الأستاذ بسام الملا في الجزء الأول من "باب الحارة" وجسّدها الفنان القدير بسام كوسا، في اعتقادي ليست مجرد صورة شخص بسيط يكافح من أجل البقاء، بل كان مرآة تعكس تناقضات المجتمع، وشخصية ذات أبعاد تجاوزت حدود الدراما، وأصبحت رمزًا للإنسان المقهور، في ظل نظام طبقي صارم.

زمان، كنا أطفال منبهرين ببعض شخصيات "باب الحارة" مثل أبو شهاب وأبو قاسم ومعتز، معجبين بنرجسيتهم، غافلين عن الواقع المرير الذي يعانيه أمثال الحدعشري، وعندما كبرنا أدركنا أن الحدعشري مجرد ضحية للظروف الاجتماعية والاقتصادية، وبتنا ننظر إلى شخصيته بفخر، وإلى وجاهات الحارة ونظامها الطبقي بإزدراء.

ورغم الأحداث التي تحيط بالحدعشري، مثل سرقة الذهبات، فأنها لا تمثل الجوهر الحقيقي للحدعشري، ووضعتها في معزل عند الكتابة عن شخصيتة، لأن ما أعنية هو الإنسان في صراعه اليومي مع قسوة الحياة والظروف التي فرضتها عليه الحارة وأهلها.

في الماضي كنا نرى الحدعشري عاراً على الحارة، وأدركنا بعدها ان "الحدعشري" جزء من واقع الحياة الصعب الذي يكشف ظلم البرجوازية بعيدًا عن المثالية الذي تجسدها بعض الشخصيات القيادية.

الحدعشري هو نحن، وكل واحد منا يحمل داخله حدعشرياً صغيراً، يكافح باحثًا عن كرامته ضد واقع مليء بالفساد ومجتمع انتهازي وأوضاع لا ترحم.

"باب الحارة" حالة خالدة في تاريخ الدراما العربية، ولا أجد حرج في تناول أي من أحداثها، حتى بعد مضي قرابة عشرون عامًا على تدشين العمل الدرامي الذي مايزال حاضرًا في أذهان الكثيرين حتى اللحظة.