ثقافة صحية)  قصة الأب الذي يشك في زوجته بسبب لون جسم طفلته (صورة الطفلة) 

ثقافة صحية)  قصة الأب الذي يشك في زوجته بسبب لون جسم طفلته (صورة الطفلة) 

(أبين الآن) متابعات خاصة

(ثقافة صحية)  قصة الأب الذي يشك في زوجته بسبب لون جسم طفلته (صورة الطفلة) 


 كتب / الدكتور_انس_الشومي في صفحته بالفيسبوك وننشر في موقع( أبين الآن) الجزء الاول والثاني لزيادة الوعي الصحي لدى المجتمع ومعرفة الامراض النادرة والتطور الطبي الحديث فإلى القصة. 

كانت استشارية الحضانة وعناية المواليد ترتجف وهي تكلمني على الهاتف، كنت أسمع تنفسها السريع وهي تقول: يا دكتور عندي حالة ولدت قبل شهر ولا تزال في التنويم في قسم الحضانة، هي طفلة ولدت قبل موعد ولادتها بشهرين (سباعية) لأبوين قريبين لبعضهما (أولاد عم)، وأضافت طبيبة الحضانة: ولأن وزن الطفلة عند الولادة كان كيلو واحد فقط فلذلك أبقينا عليها في الحضانة تحت المراقبة حتى يزيد وزنها إلى الحد الذي يمكن أن تخرج معه آمنه إلى لبيت.. الأب يعمل مغترباً خارج الوطن واليوم أول مرة يراها..
وسمعت أصوات صراخ من خلف التلفون، فزاد ارتباك الدكتورة وارتجافها ثم قالت لي: لو سمحت يا دكتور سوف أتصل بك بعد دقائق!! وأغلقت السماعة.
كنت على الخط الآخر مستغرباً فليس من عوائد زميلتي الطبيبة الشاطرة في تخصص طب المواليد الارتباك كما يحدث اليوم..
وبعد دقائق انتظار مرت ثقيلة سمعت هاتفي يرن، فأسرعت للإجابة: - نعم دكتورة.. أكملي من فضلك..
أجابت الطبيبة بارتجاف: - الطفلة الآن عمرها شهر، وفي أثناء التنويم حدث لها تغير في لون الجلد منذ الأسبوع الأول بعد الولادة.. أصبح لون جسمها داكن جداً.. واليوم جاء الأب لزيارتها وعنما رآها قال هذه ليست ابنتي!! 
وأردفت الطبيبة: فقلنا للأب بل إنها ابنتك وهذه زوجتك أمها تزورها كل يوم وقد بدأت بإرضاعها، لكن الأب رفض تماماً أن يصدق بأنها ابنته قائلاً إن لونها لا يشبه لون عائلته!
وتضيف الدكتورة وهي شبه منهارة: المشكلة يا دكتور أن الأب بدأ يشك حتى في زوجته!! نحتاج مساعدتك يا دكتور.. 
سألتها: هل سبق وأن حصل للطفلة انخفاضات في معدل السكر في الدم أو هبوط في الضغط؟
أجابت الطبيبة: نعم بدأت الطفلة تعاني من انخفاضات السكر منذ يومين فقط.. وقد بدأنا القيام بالإجراءات التشخيصية وسوف نكلمك بالنتيجة حال ظهورها..
قلت محاولاً تهدئة الطبيبة: لن أنتظر للنتائج.. سأزور الطفلة حالاً.. 
أقفلت المكالمة، وفوراً انطلقت إلى المستشفى.. ودخلت مباشرة إلى قسم الحضانات.. 
جلبت لي رئيسة التمريض أدوات الحماية والتعقيم والملابس الخاصة بالحضانة وهي تقول: أهلا يا دكتور.. لعلمك يا دكتور أن هذه الحالة هي أكثر المشاكل تعقيداً رأيتها منذ سنة!
أومأت لها متعجباً.. وبدأت الكشف السريري على الطفلة..
******
فما الذي رأيت؟ 
وما السبب الذي جعل لون الطفلة داكناً على عكس لون أسرتها؟
سأنشر صورة حالة قبل وبعد أن تغير اللون

كيف استقبلني الأب والأسرة عندما أخبرتهم بالنتائج؟
وماذا حصل بعد ذلك؟

 
الجزء الثاني

انطلقت إلى المستشفى.. ودخلت مباشرة إلى قسم الحضانات.. 
جلبت لي رئيسة التمريض أدوات الحماية والتعقيم والملابس الخاصة بالحضانة وهي تقول: أهلا يا دكتور.. وأردفت: هذه الحالة من أكثر المشاكل تعقيداً رأيتها منذ سنة!
أومأت لها متعجباً.. وبدأت الكشف السريري على الطفلة..
كان تصبغ الجلد واضحاً، وكان لديها انخفاضات في السكر بدأت تحصل لها في أخر يومين.. ضغط الدم في أدنى الحدود الطبيعية.. وزنها لا يزال صغيراً..  وكل شيء آخر كان طبيعياً.. سألت رئيسة التمريض عن التغذية فأجابت بأنها ممتازة.
- أرجو إرسال عينة دم لفحص وظائف الغدة الكظرية فوراً.
- حاضر يا دكتور.. هكذا أجابت رئيسة التمريض وهي تشير لأحدى الممرضات للتجهيز لسحب عينة الدم.
- يجب أن توضع عينة الدم في الوعاء الثلجي وسوف أقوم بأخذها بنفسي إلى المختبر..
وأخذت عينة الدم إلى المختبر..
- أرجو القيام بتحليل العينة فوراً دون أدنى تأخير
- أجاب أخصائي المختبرات: حاضر يا دكتور.. ستكون النتيجة جاهزة بعد ساعتين.
لم أتمنى في حياتي ألا يخيب تشخيصي منذ النظرة الأولى إلا في هذه الحالة
وبعد ساعة واحدة اتصل بي اخصائي المختبر وهو يصرخ: يا دكتور ظهرت نتيجة أولية في جهاز الهرمونات تفيد بأن الهرمون المحفز للغدة الكظرية مرتفع جداً بحيث لا يستطيع حتى الجهاز قراءته.. سأعيد تحليل العينة مرة أخرى وأرجو أن تعذرني فسوف تتأخر النتيجة ثلاث ساعات لأني سأقوم بإعادة ضبط إعدادات الجهاز وإجراء فحص ضبط الجودة..
لم استمع لبقية ما قاله زميلي اخصائي المختبرات المعروف بالدقة في عمله لأني كنت واثقاً من صحة النتيجة.. وانجلت عني هموم الدنيا، وتخيلت الطفلة وهي تبتسم كأنها تقول شكراً يا دكتور!
وعدت إلى قسم الحضانة لأكتب الرأي الطبي المفصل للحالة، وخطة العلاج الكاملة..
******
اتصلت بالأب وطلبت منه الحضور مع الجد للأب والجد للأم (الأجداد هما أخوان أصلاً) وشرحت لهم الحالة كما يلي:
تعاني الطفلة من مرض وراثي نادر يصيب الغدة الكظرية مما يؤدي إلى عدم عملها بالشكل الطبيعي ولذلك فهي لا تنتج هرمون الكورتيزول، وهرمون الكورتيزول هو أحد أهم هرمونات الجسم لأنه يؤدي وظائف كثيرة منها المحافظة على مستوى السكر في الدم وعلى ضغط الدم أيضاً.. وعندما تكون الغدة الكظرية غير قادرة على انتاج وإفراز الكورتيزول لأي سبب ما، فإنه ينتج عن ذلك زيادة إفراز الهرمون المحفز للغدة الكظرية (ACTH) وبكميات عالية جداً، وهذا الهرمون المحفز للغدة الكظرية ACTH يسبب تغير لون الجلد إلى اللون الداكن، وعلاج هذه الحالة يتمثل في أن تأخذ الطفلة الأدوية التعويضية للكورتيزول فيزول عنها التغير اللوني ويعود الجلد إلى حالته الأساسية أو قريبة منها..
وقد بدأنا بالعلاج فوراً.. وسوف ترون بأنفسكم عودة لون الجلد تدريجياً إلى اللون الطبيعي أو قريب منه بدءاً من هذا الأسبوع..
********
أترككم أيها القراء الأعزاء لتصفوا مشاعر الأب والجدين في تلك اللحظة.. ولا تنسوا أيضاً وصف مشاعر الأم المؤمنة التي صبرت كما يصبر العظماء على ظلم ذوي القربى..
وأرجوكم.. لا يقف هذا المنشور عندكم، شاركوه بكل الوسائل.. كل شخص بحاجة لمعرفة معلوماته الصحية الموثوقة لمعرفة هذا المرض النادر..
 #دخول_تخصص_الغدد_الصم_للاطفال_الى_اليمن ????????