حكاية المعلم وعلب الماء الفارغة

 

من المشاهد المؤلمة التي أوجعت قلبي يوم أمس وأصابتني في مقتل، رؤيتي لأحد المعلمين وهو يركب عربة يجرّها حمار، أكرمكم الله.  

المشكلة ليست في الحمار أو العربة، بل فيما تحمله العربة على ظهرها؛ حيث تبين لي أنها تحمل علب الماء الفارغة بكميات كبيرة، بعد أن قام هذا المعلم بجمعها على طول الطريق لغرض بيعها، لتوفير فتات يصرف به على أسرته بعد أن تأخرت المرتبات وأصبحت لا تكفي قيمة كيس دقيق بوزن 50 كيلوغرامًا.  

مشهد، ورب محمد، أوجعني كثيرًا وصدمني بكل ما تحمله الكلمة من معنى. كيف وصل الحال بحملة مشاعل العلم والنور إلى هذا الوضع المزري، الذي يُبكي الحجر ويؤذي الضمائر الحية؟  

لم أتوقع يومًا أن يخرج المعلم باحثًا عن فتات يسد به حاجته، متنقلًا من طريق إلى آخر، ومن مكب نفايات إلى آخر، إما لجمع علب الماء الفارغة أو لالتقاط قطع الحديد المتناثرة ليبيعها بريالات هزيلة بائسة لا تكفي لشيء مما يحتاجه.  

والله إنني أتألم عندما أشاهد أعزة الناس قد أذلتهم الظروف، ونكّلت بهم السياسة، وتآمر عليهم أصحاب الكروش المتدلية المتناحرون على كراسي القرار.  

أتوجع بقدر ذل هؤلاء وهوانهم وانكسارهم، وبحثهم عن السبل والطرق التي يحاولون من خلالها تلبية طلبات أسرهم وأطفالهم، ولا يملكون خيارات كثيرة، فإما يلجؤون إلى السرقة واللصوصية، أو التسول، أو يبحثون عما يمكنهم بيعه رغم صعوبته عليهم.  

اللهم عليك بكل من أذل الناس وشق عليهم وأوصلهم إلى حافة الجوع والذل والهوان.  

فهد البرشاء

2 ديسمبر 2024م