الذهب يظل ذهبا أينما كان
في عالم متغير ومتناقض؛ النجوم قد تخفت في وطنها، وتنال الإعجاب والتقدير في ديار غربتها؛ وفي ظل هذا تبرز حكمة قديمة تقول: "المرء غريب في وطنه، معروف في غيره".
حقيقة مرّة قد يواجهها الإنسان الفاضل، حيث لا ينال التقدير الذي يستحقه في بيئته الأصلية، بينما يحظى بالاحترام والتقدير في مكان آخر. وإلى ذلك أشار الحكماء بأقوالهم البليغة، فقالوا: "الإنسان لا يُقدَّر في بيته، ولكن يُقدَّر في بيوت الآخرين"، و"الغريب له هيبة"، و"الغراب الأبيض"؛ أي غير مقدّر في محيطه المألوف، ولكنه محط إعجاب في أماكن أخرى.
وحتى الأنبياء، أسمى البشر وأكرمهم على الإطلاق، لم يجدوا التقدير اللائق بهم في أوطانهم، بل واجهوا العداء والإيذاء. فخير الخلق محمد -صلى الله عليه وسلم- لم يلق التكريم إلا في المدينة المنورة، بعيداً عن موطنه الأصلي.
لذا لا ينبغي للرجل الصالح أو ذي الخبرات أن يستغرب عدم تقدير أهله له في بلده أو مدينته، أو حتى حيه الصغير؛ فالحقيقة أن قيمة المرء الجوهرية قد تكون مخفيّة أو غير معترف بها في محيطه المباشر، وذلك كما يقال: "الذهب لا يصدأ، ولكن قد يُدفن في التراب". ومع ذلك، لا تفقد هذه القيمة الحقيقية أهميتها، فالنجم يظل نجماً، حتى وإن خفت بريقه في وطنه.
والله تعالى أعلم!
ودمتم سالمين!