من شهداء دثينة.. فدائي حرب التحرير البطل الخضر ناصر المسودي
بقلم / أبو زين ناصر الوليدي
إذا قدر لك أن تزور منطقة جوعر غرب مديرية مودية، فإنك سترى على يمينك قرية تشرف على تلة منبسطة، تسمى هذه القرية الصغيرة قرية المسودي، حيث تقيم هذه القبيلة من أزمان طويلة لا يعلمها إلا الله، وهذه القبيلة هي إحدى قبائل آل بليل، أما إخوانهم من أهل بليل فهم (المحثوثي الصلاحي والقيناشي والصحران)، ويقال أن هذه القبائل الخمس كانت كلها تدعى (المسودي) ثم انفصلت مع مرور الزمن واكتسبت كل قبيلة اسم أبيها، وبقي المسودي محافظا على اسم الجد الأكبر( مسود) .
أحد الأجداد المساودة انتقل من قريته في منطقة جوعر إلى قرية (ثويرين) السعيدية، ومن هذا الجد ولد الشهيد محمد صلاح المسودي رحمه الله، وولد ابن عمه وصهره الشهيد الخضر ناصر المسودي في قرية ثويرين عام ١٩٤٥م تقريبا، فبدأ كغيره يتعلم القراءة والكتابة والقرآن الكريم والحساب في الكتاب(المعلامة) واكتسب من هذه المعلامة حبه الشديد للصلاة، فقد كان شديد المواظبة عليها حتى في أحلك الظروف كما شهد له بذلك إخوانه الفدائيون.
وعندما تأسست إدارة للتعليم في ولاية دثينة انخرط في مدرسة مودية الابتدائية، وكان مدير هذه المدرسة حينها الراحل سعيد عثمان عشال رحمه الله تعالى، وفي هذه المدرسة تعرف على عدد من المدرسين، منهم الرئيس السابق علي ناصر محمد ورئيس الوزراء السابق محمد علي هيثم ووزير الزراعة السابق محمد سليمان ناصر والراحل حسين محمد الحابري رحمهم الله جميعاً.
وفي تلك الفترة امتد الفكر الثوري حتى عم الوطن العربي، رافق ذلك نشؤ حركة القوميين العرب وكان ذلك هو الميدان الواسع ليلتحق الشباب بركب الثورات العربية في آسيا وأفريقيا، ضد الإنجليز والفرنسيين.
كان الشهيد محمد صلاح هو من أطر ابن عمه الخضر ناصر في صفوف الثوار وفي ركب الجبهة القومية، وساعد في ذلك أن شهيدنا كان ذكيا شجاعا لماحا صلبا ذا كاريزما جذابة مؤثرة وأخلاق عالية وثقة كبيرة، وحين تشكلت جبهة فحمان بقيادة محمد علي هيثم ترك الشهيد مقعده في المدرسة المتوسطة ليلتحق بركب الثوار، وشارك في جميع عملياتها، فقد كان بحق رجل المهمات الصعبة والعمليات الخطرة.
أدرك الشهيد بعدها أن عدن هي المنطقة التي تحسم الصراع، فانطلق إلى عدن وانضم إلى فرقة العمليات الخاصة مع الشهيد عباس والشهيد الحييد والشهيد مدرم والشهيد الحداد والفقيد صالح أحمد عمر ملقاط وغيرهم، وكلفوا باغتيال ضباط المخابرات البريطانية ومتابعة العملاء والجواسيس .
وهناك كثير من الحكايات عن الشهيد الخضر المسودي في مهاجمته للدوريات الإنجليزية بالقنابل اليدوية واستهداف الضباط الإنجليز بالاغتيال.
*من عملياته*
من ذلك أنه كان يوما جالسا يشرب الشاي مع رجل من قريته في أحد قهاوي كريتر، وفجأة خرجت مظاهرة طلابية ضد الإنجليز وأحاطت سيارات للدوريات بهذه المظاهرة فقال المسودي لصالحبه: (خليك عندك باروح لحاجة وبرجع الآن) .
وتسلل خلف الدوريات في رأد الضحى فرمى عليهم قنبلة حولت المكان إلى أشلاء وانفجارات، ثم عاد بهدؤ إلى مقعده ليستكمل شرب الشاي.
*موقف بطولي*
وكان الشهيد يحرس أحد العملاء الجواسيس الذين قبض عليهم الثوار ويسمى البيحاني كان ذلك في مدينة الشيخ عثمان وكان يحرس معه هذا البيت المناضل(جارالله سالم الزامكي).
استطاع الإنجليز أن يحصلوا على معلومات عن مكان عميلهم فتحركت قوة كبيرة لمحاصرة البيت، ودارت معركة صعبة بين المسودي والزامكي من جهة والإنجليز من جهة أخرى ثبت فيها البطلان ثبوتا أسطوريا، ولما شعر المسودي أنه من الصعب الصمود أمام هذه القوة الكبيرة فقد قام بقتل البيحاني ثم استطاع أن يخترق الحصار وينجو من نيران العدو، خاصة بعد إصابة زميله جارالله الزامكي.
وبمثل هذه العمليات الفدائية والأعمال البطولية نال الشعب الجنوبي حريته وحصل على استقلاله في الثلاثين من نوفمبر عام ١٩٦٧م .
وعمل بعدها الشهيد المسودي ملحقا عسكريا في السفارة اليمنية في جمهورية مصر العربية في عهد الرئيس أنور السادات. وبعد ما يسمى بالخطوة التصحيحية بدأ الصراع الداخلي، وكان ضحيته معظم الثوار والفدائيين ومنهم الشهيد محمد صلاح المسودي، وابن عمه الشهيد الخضر ناصر المسودي وذلك عام ١٩٧٢م.
ترك الشهيد ولدين هما
ناصر وسامي
.
رحم الله الشهيد البطل الفذ الفدائي الخضر ناصر المسودي وإخوانه الشهداء أجمعين وجمعنا بهم في جنات النعيم.
.