آفة نبات المسكيت، واستراتيجية للتعايش معه والحد من انتشاره

يُعد نبات المسكيت من الأنواع النباتية التي تتبع فصيلة البقوليات، ويتميز بانتشاره الواسع في المناطق الساحلية والصحراوية باليمن. وهو يتحمل الظروف القاهرة كالجفاف والملوحة بفضل نظامه الجذري القوي الذي يمتد ليصل إلى المياه الجوفية العميقة، ويتأقلم مع التغيرات الحادة في درجات الحرارة، سواء الارتفاع الشديد في الصيف أو الانخفاض في الشتاء.

يُنتج المسكيت مركبات كيميائية طبيعية تُعزز من مقاومته للآفات والأمراض، وتجعل أوراقه غير مرغوبة لدى العديد من الحشرات. ويمتاز بنموه السريع وقدرته على التجدد بعد التعرض للإصابة أو القطع، ولديه القدرة على التكاثر الجنسي واللاجنسي بكفاءة.

تتعدد فوائده، فثماره صالحة للأكل وتُستخدم في بعض الدول في تحضير الأطعمة والمشروبات، على الرغم من عدم القبول الثقافي لها في مناطق بلادنا. كما تمتلك بعض أجزاء النبات خصائص طبية مفيدة في علاج الإسهال والالتهابات، مما يجعلها مرشحة للدخول في صناعة الأدوية التقليدية. ويُستخدم خشبه كحطب وفي إنتاج الفحم بطرق تقليدية وصناعية، وفي صناعة الخشب المضغوط، إضافة إلى دخوله في صناعة الورق والسماد العضوي المخصب للتربة والمغذي للنبات والصديق المثالي للبيئة والبديل عن السماد الكيماوي الضار بالتربة والصحة والبيئة...

وبيئيا، يُسهم في تثبيت التربة وحماية الأراضي من التعرية، ويُمكن استخدامه في استصلاح وتخصيب الأراضي الصحراوية. ويُعتبر مصدرًا لامتصاص ثاني أكسيد الكربون والغازات الضارة، ويوفر الظل وملاذًا للحياة البرية في بعض المناطق.

اقتصاديًا، يُمكن أن تُسهم زراعته في توفير فرص عمل وأنشطة اقتصادية متنوعة، إذ يُمكن أن تُصبح ثماره مصدر دخل للسكان. وتُستخدم الثمار المطحونة كعلف، ويُمكن نقعها في الماء لتوفير محلول سكري يُستخدم في تغذية النحل، إلى جانب رحيق ازهاره التي ينتج منها النحل عسلا جيدا.

ومع ذلك، فإن انتشاره بشكل غير منضبط له تحديات عدة، حيث يُمكن أن يؤدي فقدان السيطرة على انتشاره إلى تأثيرات سلبية على النظام البيئي، كتراجع النباتات والأنواع الحيوانية. كما يُمكن أن يُقلل نموه الكثيف من استخدام الأرض للزراعة والرعي، ويُؤثر سلبًا على سبل عيش السكان والاقتصاد المحلي. ويُمكن أن يُؤدي استهلاكه لكميات كبيرة من المياه الجوفية إلى نضوب الموارد المائية، مما يُهدد إمدادات المياه للسكان والزراعة. ويُمكن أن يُسبب نموه الكثيف تغطية مجاري المياه وقنوات الري، مما يُقلل من كفاءة نظام الري ويُسهم في حدوث فيضانات وتراكم المياه الراكدة، مما يُشكل بيئة خصبة لتكاثر البعوض ويزيد من مخاطر انتقال الأمراض التي ينقلها.

للحد من هذه المخاطر، يُمكن النظر في تطعيمه بنباتات أخرى مفيدة وغير ضارة، مع مراعاة التوافق الجيني والتصنيفي. ومن النباتات المرشحة لتطعيمه بها:
- نباتات من عائلة الفستقيات، كالفستق والبطم والكاجو والبلح البرازيلي.
- نباتات من عائلة البقوليات، كالياسمين (العربي والهندي) والخروب والقرظ والسدر والسمر.
- نباتات من عائلة الورديات، كالتفاح والتوت والكمثرى.
- نباتات من عائلة الصفصافيات، كالصفصاف والحور.

ويُمكن أن تكتسب النباتات المطعمة على المسكيت مميزات وفوائد متعددة، كزيادة القدرة على التحمل والتكيف، وتحسين الإنتاجية والجودة، وزيادة المقاومة للآفات والأمراض، وتوسيع نطاق الانتشار الجغرافي، مما يُعزز قيمتها الاقتصادية والبيئية. وتُعتبر أوراقه غنية بالبروتين، مما يجعلها مصدرًا جيدًا لعلف المواشي، ويُمكن تحليلها غذائيًا للتأكد من خلوها من الأضرار واستكشاف إمكانية تجفيفها وطحنها وخلطها بنسب مناسبة مع أعلاف أخرى لتوفير توازن غذائي مثالي.

إنه من الضروري إدارة نبات المسكيت بعناية فائقة لضمان استغلال مزاياه العديدة والحد من آثاره السلبية. ولتحقيق ذلك، يجب القيام بما يلي:
- تعزيز الأبحاث العلمية لاستكشاف خصائصه وتحديد أفضل الممارسات لاستخدامه بشكل مستدام.
- تشجيع الصناعات التي تعتمد عليه وتطوير تطبيقاته المختلفة.
- تدريب المواطنين على تقنيات التطعيم الصحيحة للمسكيت، بما يضمن سهولة ممارستها وفعاليتها.
- إطلاق حملات توعية للمجتمع حول كيفية الاستفادة منه وإدارته بمسؤولية.

يُعد المسكيت نباتًا ذا قيمة عالية، ولكن يجب التعامل معه بحذر لتجنب المخاطر المحتملة. ومن خلال الاستفادة الصحيحة منه وإدارته بشكل مدروس، يُمكن تحويل التحديات إلى فرص تعود بالنفع على البيئة والاقتصاد المحلي.
والله -تعالى- أعلم!
ودمتم سالمين!