الوطن لا يتحمل مزيداً من العبث واستغلال السلطة.

بقلم: موسى المليكي.

عندما يكون القرار وكل الأمور بيد فصيل أو حزب واحد يتحكم بكل تفاصيل المشهد، من التعيينات الإدارية إلى المناصب القيادية، ومن القرارات الصغيرة التي تخص حياة الناس اليومية إلى القرارات المصيرية التي تحدد مستقبل الوطن، تتحول المؤسسات إلى أدوات لتنفيذ أجنداتهم الخاصة بعيدًا عن المصلحة العامة.

هم القادة والمديرون في كل المواقع: مدير المدرسة، العاقل، الأمين الشرعي، قائد القائد، مساعد القائد، مساعد رئيس الأركان، مساعد وزير الدفاع، وحتى مساعد الهيئات والدوائر. هم المشرفون الذين يتدخلون في كل تفاصيل القرار، وهم من يعينون ويقيلون بحسب ولاء الأشخاص لهم. يمشون القرارات التي يريدونها حتى لو كانت قرارات صادرة من رئيس مجلس القيادة، ويرفضون أي قرار أو تعيين لا يخدم مصالحهم أو لا يتماشى مع أجندتهم.

هم من يضعون التصنيفات ويقررون من هو الوطني ومن هو غير الوطني، ومن هو المسلم ومن هو غير المسلم، متناسين أن الوطن لا يُبنى بالمصالح الضيقة ولا بالإقصاء. يعملون وكأنهم معصومون من الخطأ، يدّعون المثالية، ومع ذلك يرمون كل الفشل على الآخرين، ويبررون أخطاءهم بالشرعية أو الأطراف الأخرى.

إذا كانت كل الصلاحيات بأيديهم وكل القرارات تُدار من غرفهم المغلقة، فمن يتحمل مسؤولية الفشل الإداري؟ ومن يُسأل عن سوء التخطيط؟

الوطن لا يحتمل مزيدًا من العبث واستغلال السلطة. كفى تحكمًا بالمصير وكفى تلاعبًا بمستقبل البلاد. نحن بحاجة إلى إدارة حقيقية تُراعي المصلحة العامة، بحاجة إلى مؤسسات حقيقية تُبنى على الشراكة والمساءلة، لا إلى هياكل خاوية تتحكم بها أهواء فصيل أو حزب. المصلحة الوطنية فوق الجميع، ولا نجاح دون توزيع عادل للسلطة وتحقيق شراكة وطنية حقيقية بعيدًا عن الاحتكار."