الحقيقة أعمق من أن تُدرك بمجرد النظر. 

بقلم: موسى المليكي.

ما تراه قد يكون سرابًا، وقد يكون انعكاسًا منمقًا لحقيقة مخفية لا تُكشف إلا بالتأمل، والتفكير، والتساؤل العين تُخدع بالمظاهر، لكنها لا ترى النوايا، ولا تسمع الصمت الذي يبوح بالكثير. الحقائق ليست دائمًا واضحة، فهي تختبئ أحيانًا خلف أقنعة، وتتشكل وفق الزاوية التي ننظر منها.

إن أردت أن ترى الحقيقة، فلا تكتفِ بالنظر، بل انظر بعين العقل، وتمعن بقلبك. اسأل نفسك: هل كل ما أراه يعكس الجوهر أم مجرد سطحٍ عابر؟!...
 تذكر أن البحار تبدو جميلةٌ وهادئة من فوق، لكن في أعماقها تحمل الكثير من التيارات والأسرار التي لا يدركها إلا من يغوص فيها.

الحقيقة ليست دائمًا سهلة المنال، لكنها تستحق السعي. لذا، لا تكتفِ بما تراه، بل ابحث، وتفكر، ولا تخشَ أن تشكك فيما يبدو بديهيًا. ففي الشك تبدأ رحلة اليقين، وفي البحث تُبصر ما كان خافيًا عنك.وفي النهاية، ستدرك أن الحقيقة ليست دائمًا في ما تراه، بل في ما تكتشفه بعد أن تزيح غبار الوهم عن عينيك. ستفهم أن الرؤية الحقيقية ليست في العين، بل في القلب الذي يقرأ بين السطور، وفي العقل الذي يتجاوز الظاهر ليغوص في أعماق المعنى الحقيقي.

الحقيقة لا تأتي لمن يكتفي بالنظر، بل لمن يسأل، ويبحث، ويصبر على ألم الكشف.
إنها هدية لا تُمنح إلا لمن يملك الشجاعة ليُشكك فيما يبدو يقينًا، ولمن يملك القوة ليواجه ما قد يجده خلف الستار.
لذلك، لا تخف من أن تغلق عينيك عن المظاهر، وتفتح قلبك وعقلك على ما وراءها. ففي تلك اللحظة، ستكتشف أن أعظم الحقائق ليست ما نراه، بل ما نُدركه عندما نتحرر من أسر المظاهر، ونسمح لأنفسنا أن نرى العالم كما هو، لا كما يُراد لنا أن نراه.

وفي الختام، تذكر الأقنعة التي تساقطت في حياتك واكتشفت من خلالها الكثير. الثقة، والراحة، والأمان، والطمأنينة لا تُهدى لأي شخص. فهناك من لا يستحق أن يكون رفيقك، وهناك من يستحق، لكنهم نادرون جدًا، في وهم من يستحقون كل شيء.
هناك من يرافقك لأجل مصالحه الشخصية، وهناك من يرافقك لأنه يرى فيك جزءًا من ذاته. فاصنع اختياراتك بحكمة، لأن من ترافقهم اليوم هم من يصنعون ملامح حياتك غدًا.