عندما يبكي المعلم، ينكسر الوطن

بقلم:  عبدالعزيز الحمزة

• حين تنهمر دموع المعلم، فاعلم أن الوطن قد انكسر، وأن شراع الأمة قد تمزق في عاصفة الجهل. فالدولة التي تستخف بمقام المعلم، وتجعل منه أسير الفقر والمهانة، لا تكتب إلا شهادة سقوطها، ولا تحفر إلا قبرها في ذاكرة التاريخ.
• ليست قوة الدول في حصونها ولا في كنوزها، ولا حتى في عتادها العسكري، بل في معلميها الذين يبنون العقول قبل أن تُبنى الجدران. وعندما تُهمل الدولة هؤلاء الحراس، فإنها تكتب شهادة فنائها بيدها. فالمعلم ليس مجرد ناقل للمعرفة، بل هو صانع المستقبل، ومهندس الوعي الجماعي، وحارس الهوية الوطنية.
• الأوطان تُبنى بالمدارس التي تخرّج العقول، لا بالمباني الفارغة، وتبنى بالأقلام التي ترسم مصير الأجيال، لا بالباندق التي تزرع الخوف.
 حين يئنّ المعلم من الجوع أو الإهانة، فاعلم أن جذور الأمة تتهاوى، وأن أملها يغرق في ظلمات الجهل. فالدولة التي تخون معلميها، إنما تخون نفسها، وتوقع على وثيقة فشلها وانهيارها.

• فشل الدولة يبدأ حين تغفل عن أن التعليم هو أمنها القومي الحقيقي، وحين تفشل في صون كرامة المعلم، فإنها تسلب الأجيال هويتها، وتحول أبناءها إلى غرباء عن تاريخهم وثقافتهم. أليس هذا تفريطًا في أساس البقاء والهوية الوطنية؟
• حين يُترك المعلم في فقر وتجاهل، يفقد الطلاب قدوتهم، وتُطمس معالم اللغة والقيم، ويصبح الجهل سيد الموقف. كيف لأمة أن تنهض، وقدوتها مسحوقة تحت أقدام الإهمال؟
• عندما ينكسر قلم المعلم، لا تسقط ورقة، بل يسقط وطن، ويسقط جسرٌ يربط الماضي بالحاضر والمستقبل، الدول التي تهمش معلميها، تحكم على نفسها بالتخلف، وتدور في دوامة الفشل.
• لدينا خياران: إما أن نجعل من كل معلم ملكًا في محراب المعرفة، أو أن نستمر في دوامة التراجع والانحدار. فهل نسمع صرخة المعلم قبل أن تغرق سفينة الوطن؟
لن تنهض أمة إلا إذا جعلت معلمها ملكًا، ولن تتقدم دولة إلا إذا صرخت: "التعليم أولًا!"
يجب أن تكون المدرسة أجمل مكان في الوطن، والمعلم أكرم من يمشي على أرضه. انظروا إلى الدول التي تقدمت، ستجدونها قد جعلت تعليم أطفالها قضية حياة أو موت.
فهل ننتظر حتى تجف دموع المعلمين، ويصبحوا مجرد ذكريات حزينة في كتب التاريخ؟
وختاما :
دولة لا تكرم معلميها، هي دولة بلا مستقبل. وشتّان بين أمة تبني مجدها بقلم المعلم، وأخرى تهدم ذاتها بجهلها.
فلْتكن دموع المعلم إنذارًا أخيرًا، قبل أن يفقد الجيل القادم حتى حقه في البكاء.
الوطن الحقيقي ليس أرضًا أو حدودًا…
الوطن هو طفلٌ يقرأ، ومعلمٌ يملأ قلوب الصغار بالضوء.
إذا أردنا أن نبقى… فلنحمِ من يعلم أبناءنا كيف يقرأون كلمة "وطن".
--_---------------
عبدالعزيز الحمزة 
الخميس ٣٠ يناير ٢٠٢٥م