بالأخلاق العظيمة تبنى المشاريع الكبيرة
بقلم: أبو زين ناصر الوليدي
في عام (١٨٧٥م ) وفي الهند المحتلة من بريطانيا، وفي أوج الحملة البريطانية الهندوسية لمحو الإسلام من الهند قرر السيد أحمد خان (١٨١٧ - ١٨٩٨م ) أن يؤسس جامعة حديثة ينهض بها بأبناء المسلمين لمواجهة التحديات التي تواجههم، سمى هذه الجامعة جامعة عليكرة نسبة إلى مدينة عليكرة التي بنيت فيها، والتي تقع في ولاية أوتار براديش على بعد ١٣٠ كيلومترا من العاصمة الهندية نيو دلهي.
ونهض الرجل لهذا المشروع وطاف أرجاء الهند كي يجمع التبرعات ويقنع المسلمين بمشروعه الكبير، فطاف ولايات الهند كلها، وفي رحلاته تلك وفد على إحدى الولايات التي يتولاها والي مسلم ولكنه كان كارها لأحمد خان حاقدا عليه، ومع ذلك رأى أحمد خان أن يطرق كل الأبواب، فشرح له مشروع الجامعة، فوعده الوالي أن يرسل إليه ما يقدر عليه من التبرعات عبر البريد، فلما عاد أحمد خان إلى بلده ومضت مدة من الزمن وصله عبر البريد صندوق صغير من ذلك الوالي، فلما فتحه وجد فيه حذاء قديمًا، فلم يكن من السيد أحمد خان إلا أن باع هذا الحذاء بقروش قليلة وبعث إلى الوالي بسند إيصال ورسالة شكر على هذا التبرع الذي وإن كان عند الناس قليل فهو بالنية الصادقة عند الله عظيم... فلما تلقى الوالي سند الإيصال وقرأ رسالة الشكر شعر بحرج وخجل شديد فتبرع للجامعة بخمسة وعشرين ألف ربية، وكانت في ذلك الزمان ذات قيمة كبيرة.
وقامت الجامعة بكلياتها الأدبية والعلمية والتطبيقية، واستوعبت عشرات الآلاف من أبناء المسلمين.
وتضم الجامعة أكثر من ثلاثين ألف طالب ونحو ألفين مدرس و٩٥ قسما للدارسة ونحو ستة آلاف عامل. كما تضم الجامعة ١٨ قاعة للإقامة موزعة على ٧٣ نزلا للطلبة المغتربين.
ويوجد اليوم في مكتبتها أكثر من تسعة مليون كتاب، وأكثر من أربعة ألف مخطوط باللغات العربية والفارسية والأردية والبنغالية والإنجليزية.
قال مؤسسها السيد أحمد خان: : «لدى مسلمي الهند رغبات مشروعة في التطور الفكري لنظرائهم في تركيا وإيران وأفغانستان وسائر العالم الإسلام، والسبيل الأمثل لمساعدتهم هو تحويل عليكرة إلى أكسفورد إسلامية. ونحن على يقين من أننا بتأسيسنا لهذه الجامعة سنعمل على وقف اضمحلال الإسلام، وإن لم نقدم التضحيات عن طيب خاطر لتحقيق هذه الغاية، فمعنى ذلك أننا لا نبالي لمصير الدين الإسلامي؟ نحن نريد لعليكرة أن تكون جامعة تعليمية تقف على قدم المساواة مع جامعات برلين وأكسفورد وليبيز أو باريس. ونريد لهذه الفروع من العلوم الإسلامية، التي تواجه اضمحلالا سريعا، أن تضاف من قبل علماء مسلمين إلى مخزون المعرفة العالمية».
.